من الإسم والعنوان.. إلى المضامين والأهداف رسالة “كل العرب”
فيصل زكي
ليسمح لنا كتّابنا الأفاضل وقراؤنا الأعزاء أن نبدأ في المقال الأول وفي العدد الأول، في الحديث عن رسالة “كل العرب” وهي تتوجه إلى كل العرب، تحمل همومهم، وتحاكي عقولهم وقلوبهم، تذكرهم بالأمجاد والأجداد، وتحذرهم من الأطماع والأحقاد وتدعوهم للصحوة من أجل مستقبل عربي مشرق واعد بإذن الله.
ونظراً لأننا معنيون بالكتابة السياسية حصراً، علينا أن نشير إلى كون السياسة علم و فن و معرفة، و وعي ومسؤولية وإلتزام، ناهيك عن كونها المقدمة والإطار لكل السياسات الأخرى الإقتصادية والإجتماعية والعلمية وغيرها، وفي كل الدول والمجتمعات والمنظمات ودون إستثناء.
فالكتابة السياسية ليست تعبيراً عن رأي أو موقف وحسب و إنما هي وسيلة إقناع وتوضيح، تعبئة وتوجيه، إثباتاً للحقيقة ودحضاً للباطل بإشكاله ومفرداته، كما أن لأسلوب الكاتب أهمية في إيصال الرسالة المطلوبة إلى أوسع شرائح الرأي العام، مما يتطلب السلاسة والبلاغة في التعبير والترابط في صياغة العبارات والجمل، والإبتعاد عن لغة التعقيد والتشتيت والحشو وإستخدام المصطلحات غير المفهومة وغير المألوفة.
وبالتأكيد فأن للكتابة السياسية منهجها العلمي التاريخي المعروف في تحليل المواقف والأحداث، وفي تحديد المقدمات للوصول إلى النتائج، والمدخلات لمعرفة المخرجات، والبدايات للدلالة على النهايات، مما يعني ضرورة أن يتسلح الكاتب السياسي بالفكر والوعي والمعرفة والحكمة والنضوج والإبتعاد عن أساليب باتت منقرضة في ظل ثورة المعلومات وتطور التكنولوجيا وسهولة الوصول إلى المصادر و الوثائق والمشاهد والشهادات الحية.
إن لغة التهويل والتزوير والتخوين والتضليل والتوريط والتسميم باتت مفضوحة وممزوجة وإن تداولتها وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والألكترونية وغيرها.
إن الكاتب المبدع هو الذي يلامس الحقيقة بعد أن يقطع مشواره بين الأشواك ولا يتعب، ويمشي في الأدغال ولا يكِّل، وفي الطرق الوعرة والملتوية ولا يتوقف، يجتاز حقول الألغام ولا يتردد.
ونعتقد أننا نواجه وسنواجه تحديات أصعب في كتاباتنا السياسية عندما نجد أن قضايانا الأساسية والمصيرية والكبرى قد تشظت وتناثرت وتكاثرت إلى حدٍ مخيف ومرعب، بحيث أصبح الإهتمام بالثانوي يطغى على الأساسي والإهتمام بالفرعي يطغى على الإهتمام بالأصلي وهكذا بالنسبة للأجزاء والجزيئات، والشظايا و الإنعكاسات مما يضاعف المسؤولية على الكاتب وعلى المتلقي معاً خاصةً أبناء هذا الجيل ومن بعده الأجيال المقبلة.
ليطمئن الجميع أننا لن نغادر ثوابتنا ولا قضايانا المصيرية ولا أي من حقوقنا الطبيعية والقانونية والشرعية. ولن نتخلى عن هويتنا القومية وخصوصياتنا الوطنية ومشروعنا الوحدوي التحرري والنهضوي.
حقوقنا لا تسقط بالتقادم ولا يملك أحدٌ صلاحية التنازل عنها، سيادتنا وإستقلالنا وإستقرارنا وقيمنا ليست قابلةً للمساومة، ونحن ندرك أن التحديات التي نواجهها كبيرة وكثيرة لكننا نؤمن إيماناً قاطعاً أن أمتنا أمةٌ عربيةٌ قويةٌ وقادرةٌ وتمتلكُ كل مقومات النهوضِ والتطور والمواجهة.
ونرى أن من أهم ما يجب فعله هو تغيير مفاعيل التعامل معنا من قبل القوى الدولية والإقليمية من التعامل الإنفرادي إلى التعامل الجماعي مع الإقرار بأننا أمةٌ واحدةٌ لا مجموعةٌ من القوى أو الأجزاء أو المقاطعات المختلفة.
إنهم يسموننا مثلاً بسكان الشرق الأوسط، والساكن في مفهومهم ليس بصاحب أرضٍ ولا حق، ولا يملك ما في باطنها أول سمائها، وبالإمكان أن يُرَّحَلَ عنها أو يَرْحَلْ، كما فعلو بنا قديماً وحديثاً.
لقد أخذو قبل فلسطين وهي منطقة القلب من الجسد، الأحواز وأعطوها لإيران والإسكندرون وأعطوها لتركيا، وسبته و مليله وأخذتها إسبانيا ثم أخذت إيران مرة أخرى الجزر الثلاث في الخليج، ودارت الدائرة على جنوب السودان وهي تدور الآن على شمال العراق وغيره.
ثم أغرقونا بالكوارث والأزمات ونهبو ثرواتنا و أموالنا وتحكمو بأنهارنا ونفطنا إلى أن وصلو إلى الدماء الزكية التي تهدر جراء الجرائم والفتن والصراعات.
هكذا كان وما يزال مشروعهم الجهنمي الذي سمي بالفوضى الخلاّقة لنشر عشرات الأوبئة والأمراض في جسدنا العربي، التطرف والإرهاب أحدها، الفسادُ و الإفسادُ أحدها، الفتن والصراعات والتفتيت والتشظي أحدها. وهكذا دواليك…
عهدنا هو أن نكون دائماً في مقدمة وفي خدمة من يُطلق المبادرات الوطنية والقومية، الهادفة والبنّاءة والجامعة، و أن نحمل معاً مشاعل الصحوة والنهوض والتقدم لنزرع الثقة والعزم والتفائل والأمل بمستقبل عربي وحدوي واعد، وسنكون جسراً طبيعياً للتفاعل القومي الإيجابي وعلى المستويات كافة وفي كل المجالات والميادين.
جوهر رسالتنا أن نجمع ولا نفرِّق، نوَحِّد ولا نقسم، نصون ولا نُفرِّط، نبني ولا نهدِّم، نزرع ولا نحرِّق الزرع، نقاوم ولا نستسلم، نتحدى ولا نستكين، بالحق نهزم الباطل ،وبالعدل نطارد الظلم، وبالعلم والتطور نقضي على الجهل و الإنغلاق والتعصب.
ستبقى صفحاتنا مفتوحةً لكل الأقلام الشريفة المسؤولة وسيظل صوت أمتنا العربية المجيدة يعلو فوق كل الأصوات.
وأخيراً نقول أن ما تناولناه من معطياتٍ عن واقعنا التحديات التي تواجهنا لايقودنا إلى اليأس أو الإحباط أو التراجع، بل يزيدنا عزيمة وإصراراً وثقة وتفائلاً بالنصر وبتحقيق كل الأهداف المنشودة.
واللهُ وليُ التوفيق..