جرائم استخدام السلاح الكيماوي للنظام السوري
العميد زاهر الساكت
لماذا يصر الأسد على نبش قبور الأموات الذين قضوا بإستهدافات الكيماوي سابقاً؟ فيما يلاحق الشهود الأحياء ويطاردهم إلى فخ المخابرات الروسية ليقتلهم دفعة واحدة مع كل فرق العمل التي وثقت الكيماوي وخاصة مركز التوثيق الكيماوي الذي كان يوثق حالات الشهود وحالات القصف التي كانت شبه يومية على مناطق سورية.
والسؤال الأهم ما هو اللغز الخفي في استخدام الأسد الكيماوي ضد المدنيين؟ هل هو البحث وراء تطوير مراكز أبحاثه التي كان منها مركز الدفاع بالسفيرة في حلب ومراكز البحوث العلمية الأخرى عدا عن معامل خاصة بما فيها مركز جمرايا للبحوث العلمية؟ إضافة إلى تعاونه مع الروس ثم إيران وكوريا الشمالية اللتين ساعدتا نظامه على تطوير برنامج نووي وكيميائي وبعد القصف الإسرائيلي الثاني الذي أضاء ليل دمشق في الخامس من مايو/ أيار عام ٢٠١٣ بثلاثة أشهر فقط؛ استُخدم السلاح الكيميائي وبكميات كبيرة، ولكن المفارقة أنه لم يستخدمه ضد إسرائيل، وإنما ضد المدنيين السوريين في الغوطتين اللتين خرجتا عن سيطرة الأسد، ليكون أول هجوم هناك يوم ٢١ أغسطس/آب ٢٠١٣، حاصدًا أكثر من ثلاثة آلاف سورياً بين مصاب وشهيد، ذلك الهجوم سلسلة طويلة لـ 258 ضربة كيميائية ضد السوريين، وراح ضحيتها أكثر من عشرين ألف مدنيا بين شهيد ومصاب.
ولأن المنشاءآت الكيماوية مثّلت قلب ألعاب الحرب الكيميائية لنظام الأسد؛ حاولت أمريكا أن تراوغ في مقايضة الملفات التي بحوزته بضربات عسكرية ضده فقد أرسل البنتاجون بصواريخه من طراز توماهوك فأخرج مطار الشعيرات عن الخدمة في 7 أغسطس/آب للعام الماضي، ثم كانت المرحلة الأخيرة بالضربة المحدودة، كانت بمثابة حقل تجربة لصواريخ جديدة للثلاث دول، واستهدفت مركز البحوث بجمرايا، إضافة لمراكز الأبحاث الرئيسة الأخرى في برزة ومصياف، فيما تقدمت للواجهة مجموعة من الشركات والمؤسسات الخاصة التي تعقد له تلك الصفقات عدا عن الشركات البلجيكية والعراقية التي تورطت تماماً في تصدير غاز الكلور عبر وسطاء في الأردن والعراق.
لقد كان الأسد يحاول إنهاء أي ملف بأقصى سرعة عبر الكيماوي ومن ثم الدخول عبر مفاوضات بأوراق لعبة قوية، ورغم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عبر كل المندوبين الدوليين والخبراء عن الإدانة لنظام الأسد، وقد جاءت تلك الإدانات من قبل أكثر من 15 منظمة مستقلة، وأكثر من عشر حكومات لدول كبرى، بمن فيهم الخارجية الأميركية أنهم يملكون دلائل على أن بشار الأسد شن عدة هجومات كيميائية، كان نظام الأسد يصر على انه هو المعتدى عليه من قبل الفصائل وانهم الذين يملكون كل هذا السلاح الكيماوي، وعلى سبيل المفارقة لو كان الثوار يمتلكون ذلك أو نصفه أو القليل منه لكان الأسد الان في محكمة لاهاي يخضع للمحاكمة بتهمة استخدام السماء في قتل المدنيين عبر البراميل المتفجرة التي شهدت نجومها على استخدام جيشه واسطوله بالتعاون مع الاسطول الروسي في قتل النساء والأطفال والشيوخ وفي كل صباح وعشاء.
لقد وضح مركز التوثيق الكيماوي مراراً الآلية التي يعمل بها النظام الأسدي في استخدامه للمخزون الكيماوي وأشار مراراً إلى المتورطين مع الأسد في استخدام هذه المواد سواء كانوا شركاء دوليين أو محليين بما فيهم شخصيات بارزة في الجيش السوري ومنهم شخصيات في دول عربية، من جهة أخرى، فكان رد لافروف الروسي على مركز التوثيق الكيماوي واضحاً وأمام الرأي العام الذي تجاهل تهديد لافروف المبطّن لمركز التوثيق الكيماوي الذي استمر في عمله التوثيقي وفضح اللعبة الأسدية ومعها دول تحالفت معه باستهداف الشعب وتجريب كل أنواع المواد السامة على الشعب السوري.
الحلقة الأخيرة من فصول استهداف الشهود مع طاقم التوثيق للحالات الكيماوية عبر الظهور للإعلام بعض الحالات في الأردن لمدنيين يدّعون انهم نزحوا بعد تعرضهم لمواد كيماوية عن طريق شرب مياه ملوّثة وهذا الكلام عار عن الصحة وفق ما أشار له المركز، أن هكذا خبر يُراد ترويجه وتعويمه إعلامياً لتغطية المجازر عبر القصف الكيماوي والإدعاء أنها نتيجة تسمم مياه وفق ما يُخطط له النظام السوري لإقناع الرأي العام الدولي وقد ربط مركز التوثيق الكيماوي هذه الحادثة مع حوادث أخرى كانت تجري في الخفاء وبتخطيط تام من قبل المخابرات الروسية والأسدية والتي تقتضي عبر تقمّص شخصيات تتبع للنظام السوري لشخصيات أخرى في التحالف واستخدام المخابرات الجوية بما فيها الحرس الثوري الإيراني لشخصيات التحالف مستخدمين بعض الأشخاص من غرفة الموك والموم الدولية المعروفة لدى الباحثين في الشأن السوري ولدى كل الفصائل الأمر الذي مضى عليه خمس شهور قبل أن يفصح المركز عما كان يجري وذلك خوفاً على حماية الشهود وفق ما أفاد به.
لقد أشار المركز إلى عملية معقدة استخباراتية محكمة التوثيق بين كل من المخابرات الروسية والايرانية والأسدية كان قد وقف في وجهها وحمى الشهود الذين من المفترض ان تقوم هيئات دولية بحمايتهم فوراً لكن حسب تصريحات أعلن عنها المركز من أن المجتمع الدولي غير مهتم على الإطلاق بحماية الشهود على ما يبدو.
السؤال الأولى به ماذا يُمثّل المركز بالنسبة لأجهزة مخابرات بهذا الحجم حتى يتم استهدافه مراراً وتهديد شخصيات عاملة فيه وعلى رأسهم العميد الساكت عبر عدة محاولات منها استخباراتية ومنها تهديدات بالتصفية الجسدية ومنها تهديدات إعلامية على الخاص ومنها على العام وفق ما ظهر على لسان لافرورف مراراً ولماذا يحاول المجتمع الدولي تجاهل حماية الشهود والأخذ بالأدلة وعدم تحويل الأسد ورموزه التي تجرأت واستخدمت الكيماوي ولازالت .
هل هو الدور الفاضح الذي مثله المركز ومن معه لدور النظام السوري وأجهزة استخبارات عربية ودولية ام أنه له باع في المجال الكيماوي ولازال على اتصال مع ضباط من داخل النظام السوري يسربّون له كل المستجدات حول الانتهاكات الكيماوي ومايخطط له النظام ومن ثم يفضحها مديره العميد الساكت نفسه، على الإعلام وفي كل المحافل الدولية .
ام ان الوثائق والمعلومات التي يحوزها مركز التوثيق الكيماوي السوري لانتهاكات النظام السوري اكبر مما تم فضحه وتحاول عدة أجهزة استخبارات محلية ودولية الوصول له والنيل منه يذكر أن مدير المركز انتقل إلى بلجيكا بعد عدة محاولات بالتصفية الجسدية في تركيا نجيت منها بأعجوبة .
في هذا الصدد يؤكد المركز ان نشاطه مرهون بحرية الشعب السوري التي طالما دفع هذا الشعب من دماء أبنائه مراراً لنيلها ولطالما جرب الشعب السوري كل انواع الموت خنقاً وشنقاً وحرقاً وغرقاً فانه شعب يستحق التضحية ويستحق أبسط أنواع الحرية التي نادى بها، هذا المركز مراراً على الخاص والعام وفي كل محفل محلي ودولي وأكد على وجوب محاكمة كل من أجرم بحق الشعب السوري ووقف في وجه حريته.