حتى لا تختلط الأمور
زياد المنجد
بعد عام 2003 وإثر تكالب قوى الشر والعدوان لإنهاء الحكم الوطني في العراق، بدأت قوى الشر مسيرة طعن الفكر القومي لمحاولة إنهاءه، وتبني فكر ديني ليحل محله بزعامة أشخاص يدينون بالولاء للولي الفقيه الأكثر عداءً للفكر القومي العربي ،هؤلاء يلبسوس لباس الدين ،والدين منهم براء، وكان ذلك بتشجيع من زعيمة الاستعمار الجديد أمريكا، التي مهدت للأمر بإحتلال العراق وتسليمه على طبق من ذهب لطهران.
إلى هنا يبدو الأمر منطقياً منسجماً مع ماخططت له واشنطن وتل أبيب، اللتان تشعران أن أنتشار الفكر القومي وتبنيه ونجاحه، هو مايهدد مصالحها، ووجودها في المنطقة.
ولكن الأمر البعيد عن المنطق والمستهجن، هو تحول بعض المحسوبين على التيار القومي العربي، الذين كانوا يصولون ويجولون في الملعب القومي إلى داعمين وأبواق إعلامية لهذا التوجه الجديد، مع إستمرارهم بالإدعاء بتبني الفكر القومي، وارتداء برقع القومية والعروبة دون خجل من مناصرة الحركات المعادية للعروبة، وتمجيد أعمالها بإعتبارها حسب زعمهم من سيعيد للعرب حقوقهم كما يدعون، وهم على قناعة تامة بأنهم يكذبون على أنفسهم، وعلى الجماهير، ضاربين عرض الحائط بمبادئ الفكر القومي الذي كانوا يدعون الإيمان به، وهم بذلك يعبرون عن حالة رياء ودجل تفضح حقيقة مواقفهم المرتبطة بالمصالح الشخصية الضيقة، وبحالة الإرتزاق الذي كانوا يمارسونه عندما كانوا يدعون أنهم من حملة الفكر القومي والمدافعين عنه، وإنقلابهم لمناصرة أعداء هذا الفكر، عندما اقتضت مصالحهم ممارسة مثل هذا العمل اللا أخلاقي.
وعندما أتكلم عن هؤلاء فإنني لا أتكلم عن شخص بعينه بل عن أشخاص ينتشرون في كثير من الأقطار العربية بدءاً من سورية مروراً بلبنان والاردن ومصر وتونس ومعظم الأقطار العربية، حتى وصل بهم الأمر إلى جريمة بيع المؤتمر القومي العربي، وتجيير قراراته لخدمة أعداء المشروع القومي العربي حكام طهران، الذين يتفاخرون بسيطرتهم على حواضر القومية العربية دمشق ،وبغداد ،مقابل حفنة دولارات، بعد أن أعتاشوا سنوات وسنوات على دعم الأنظمة القومية العربية لهم.
هؤلاء الذين يختفون خلف أصابعهم، لايمكن أن يستمروا في حالة النفاق، ولعبة المصالح الشخصية إلى مالا نهاية، وإذا توهموا أنهم يخدوعون جماهير العروبة، فإن لعبتهم باتت مكشوفة ومفضوحة للجميع، وسيأتي اليوم الذي يلاقون به مصيرهم المحتوم خارج ميدان العروبة الذي يدعون زوراً وبهتانا أنهم من لاعبيه.
فالعروبة هوية وإنتماء، لايحملها أصحاب المصالح الشخصية الضيقة الذين يجيدون اللعب على الحبال.