الامن القومي العربي..و التحديات- علي المرعبي
الأمن القومي العربي…و التحديات
أ.علي المرعبي
شهد شهر تشرين الأول/اكتوبر الماضي عدة أحداث، في أكثر من قطر عربي، شكلت تحديات حقيقية لأنها تتعلق بالأمن الوطني لهذه الأقطار وللأمن القومي العربي بشكل عام.
لقد تزامنت إنتفاضتي الشعب في العراق ولبنان، بالتاريخ والأهداف، فهي من جهة إنتفاضة ضد سلطات الفساد في كلا البلدين، وتردي الحياة المعيشية والخدمات على جميع الصعد، وأيضاً إنتقاضة واضحة المعالم ضد التدخل والنفوذ الإيراني في العراق ولبنان.
في العراق، هاجمت جموع الغاضبين مكاتب ومقرات الأحزاب والميليشيات التابعة لإيران وحطمتها وأضرمت النيران بها، على وقع الهتافات “ايران بره بره.. بغداد تبقى حرة”. بالوقت الذي هاجمت جموع المتظاهرين في لبنان سلطة الفساد، و هيمنة حزب الله على السلطة الفعلية و كانت تردد الهتافات “كلن يعني كلن..نصرالله واحد منن”.
في كلا البلدين كانت أجهزة الميليشيات التابعة لإيران، تقوم بإرهاب المتظاهرين السلميين، وتراوح إرهابهم بين الضرب في لبنان، وإطلاق النار بالعراق. بالوقت الذي تشير تقديرات المراقبين أن الأمور ستأخذ منحنى خطيراً بالأيام المقبلة.
من جهة ثانية، شكل تدخل الجيش التركي في شمال سورية تصعيداً للأوضاع بهذا البلد، الذي كان عرضة لجرائم بشعة إرتكبها النظام السوري وحلفائه الايرانيين والميليشيات التابعة لهم، إضافة للروس، وكان إعلان قيادات كردية عن عزمهم الإنفصال عن سوريا الوطن، أو الحكم الذاتي على الأقل، ووجود قوات مسلحة من حزب العمال الكردي التركي بهذا الجيب الانفصالي تشكل تهديداً لأمن تركيا. ومع أننا من منطلق عروبي ووطني، نقف ضد أي تدخل أجنبي بأي بلد عربي، إلا أننا لا نستطيع إلا إدانة النظام السوري الذي أوصل الأوضاع في سوريا إلى هذه الحالة الخطيرة. وهذا ما يدفعنا مجدداً إلى تأكيد موقفنا المؤيد لثورة الشعب السوري، وإسقاط النظام، وقيام نظام تعددي ديموقراطي، لا يخضع لأي تبعية خارجية إقليمية أو دولية.
أيضاً، لا بد من تناول الانعكاسات السلبية لـ “سد النهضة” الاثيوبي، وما يشكله من مساس خطير بالأمن المائي لمصر والسودان، هذا السد الذي تقيمه اثيوبيا، متجاوزة كل الاتفاقيات الثلاثية الموقعة: مصر والسودان واثيوبيا، التي حددت توزيع الحصص المائية لهذه الدول. وأيضاً بشكل ينتهك القوانين الدولية لتوزيع نسب الأنهر المشتركة من المنبع إلى المصب، وتتحدث معلومات أن اللوبي الصهيوني، يقف وراء تحريض أثيوبيا على بناء السد وتمويله عبر جهات دولية، لإستهداف مصر والسودان.
في ظل هذه الأوضاع، يبقى التدخل الإيراني عبر الحوثيين باليمن، قائماً ويشكل تهديداً لوحدة اليمن وشعبه، بالوقت الذي تبذل حكومة اليمن الشرعية كل جهودها من أجل السلام باليمن، رغم التعقيدات المحلية والإقليمية والدولية.
من هنا ندعو النظام الرسمي العربي، للتوقف ملياً أمام هذه التحديات، وأن يخرج من حالة التفرج والصمت، حتى يحمي حق المواطن العربي، بحريته ومستقبله وحياته، وأن يحمي الأمن القومي العربي من الأخطار الماثلة أمامنا.