طهران تل أبيب: تحالفات خفية تحكمها المصالح..!!!
طهران تل أبيب: تحالفات خفية تحكمها المصالح..!!!
أ.محمد السعدي
تخبط إيراني صادم لا زال حتى اليوم يدور في فلك البحث عن مبررات منطقية لتبرير غرق كُبرى سفنها الحربية “خارك” التي إستقرت في قاع البحر في الثاني من هذا الشهر دون أن تتمكن وحدات الإنقاذ التابعة لجمهورية إيران التوسعية من السيطرة على الحريق الذي أدى الى خسارة السفينة العملاقة التي تحمل على متنها أربعة مدافع عملاقة ومثلها أربعة رشاشات من عيار 12.7 مللمتر، والتي تُعدّْ في مُقدمة أسلحتها الداعمة للجهد اللوجستي العدواني في عرض البحر.
السفينة غرقت قبالة ميناء جاسك الإيراني المتطور من حيث الإمكانيات الفنية العالية الخاصة بدعم الجهدين الاقتصادي والحربي الإيراني، وقد فشلت جميع القوة الفنية المتخصصة بحالات الطوارئ في الميناء المذكور في عملية الإنقاذ، ناهيك عن فشل طواقم السفينة المتخصصين بالتعامل في مثل هذه الحوادث.
20 ساعة كانت كافية لكي تبتلع مياه خليج عُمان تلك السفينة العملاقة التي يبلغ وزنها 33,000 طن، مع 207 متر طولاً و 26.5 متر عُرضاً والتي تُشير التكهنات بأنها كانت متوجهة الى فنزويلا “لتحويلها الى مركز قيادة عائم للحرس الثوري الإيراني”، وهذا ما يُثير جملة من التساؤلات المنطقية التي تدور حول ذلك الحادث الفريد من نوعه كون الحرائق أو الحوادث التي تُصيب مثل تلك السُفن قد تُحدث ضرراً موضعياً في أحد أجزاء الهيكل الداخلية أو الخارجية، ولكنها لا تؤدي الى الغرق بسبب التقنيات الفنية العالية الداخلة في صناعته إلا في حالات إستثنائية محدودة جداً.
فماذا جرى كي يحدث كلَّ ذاك آلدمار؟ وما هي الحالة الإستثنائية التي أدت الى وصول الحال الى ما هو عليه؟،
وما هي حجم القوة الناسفة التي وُضِعتْ في حوض السفينة كي تغرقها في ساعات معدودة؟
ومن هي الجهة التي تقف وراء ذلك بعدما إمتنعت طهران عن توجيه التهمة لأي جهة كانت؟
وهل يُعقل أن حريقاً قد شب في مكائنها قد أدى الى ما حدث كما إدعت الجهات الرسمية في طهران؟
وهل من الصدفة أن يتزامن الحادث مع سلسلة من الحوادث المتتالية التي طالت عدد من المواقع النفطية والنووية والعسكرية في داخل إيران مع تنفيذ عدة هجمات على السفن البحرية التابعة لها في البحار الدولية وفي أوقات متقاربة من هذا العام؟
مجموعة حوادث كبيرة طالت جميع المنشآت التي عجِزت سلطات النظام عن تبريرها بما يُقنع الرأي العام الداخلي والخارجي على حد سواء.
ماذا يدل ذلك وإيران التي تُكابر على إمتلاكها واحدة من أكبر المنظومات القتالية في العالم تعجز عن إنقاذ سفينة لا تبعد عن مرافئها غير أميال يمكن مشاهدتها بالعين المجردة،
تلك السفينة التي يتسع سطحها لحمل عدد من طائرات الهليكوبتر الحربية الكبيرة، كما إنها قادرة على نقل البضائع والقوارب والمعدات العسكرية الثقيلة وحتى الغواصات الى الجهات المتفرقة داخل البحار في مجالات دعمها اللوجستي لأذرعها المتواجدة في اليمن ولبنان وسوريا كدول بَحْرية لا تجد حدود مشتركة معها على الأرض كالعراق.
فلِمَّ تسكت طهران التي تعودت على مهاجمة أعدائها عن مثل هذه الحوادث مالم تقف وراءه قوة إقليمية كُبرى كإسرائيل مثلاً، حيث فضلت طهران الصمت بسبب طبيعة العلاقات التحالفية البراغماتية الموجودة مع تل أبيب، بعدما رفضت الأخيرة منح طهران فرصة الحصول على صناعة القنبلة النووية بعد نجاحها في تجاوز نسبة الـ 20% في عمليات تخصيب اليورانيوم، وهي أي “إسرائيل” لا تُمانع من التمدد الإيراني في المنطقة، ولكن ليس على حساب منافستها في الدخول الى النادي النووي المُقتصر على الدول التسعة (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية)، وهو ما يدل على أن التحالفات الوثيقة غير المُعلنة تخضع بدورها الى صراع المصالح التي تتحكم بتلك التحالفات للإبقاء على مسافة واسعة للحِفاظ على أرجحيتها لصالح “تل أبيب” التي لا تُريد التسامح بها مع أي حليف خفي أو مُعلَّن في لُعبة ترجيح السياسة الإقليمية الخفية.
باحث عراقي متخصص بالشؤون السياسية والإستراتيجية