المرأة الفلسطينية صانعة التغييرات ومجابهة التحديات
المرأة الفلسطينية صانعة التغييرات ومجابهة التحديات
أ.لطيفة محمد حسيب القاضي
كانت وما زالت المرأة الفلسطينية عنصرًا محورياً في بناء المنظومة الاجتماعية والثقافية والسياسية، فقد سجلت حضورًا نضالياً في التصدي للانتداب البريطاني وقاومته من خلال الإنخراط المباشر في صفوف الثورة الفلسطينية التي انطلقت منذ الربع الأول للقرن العشرين٠ كما ساهمت في إغناء المشهد الثقافي الفلسطيني واقتحمت أبواب التعليم من نهاية الحكم العثماني، ولعبت أدواراً مختلفة في الحياة الاقتصادية، فكانت التاجرة، والمزارعة والمعلمة والطبيبة والممرضة، لم تترك مجالاً للعمل وإلا وكانت مشاركة فيه٠ ومع إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ساهمت المرأة الفلسطينية بشكل فعّال في مسيرة الثورة، فقدمت المرأة مئات الشهيدات، وشاركن في قطاعات الثورة٠
إن مسيرة المرأة الفلسطينية عبر تاريخها النضالي كان نبراساً للمرأة العربية٠
لا جرم بأن المرأة الفلسطينية هي المناضلة، والأم، والمعتقلة، والمربية لقد أدركت بوعي عال بأن دورها بجانب دور الرجل في الحفاظ على الموروث الثقافي والهوية الوطنية الفلسطينية فتشكل لها وعي محلي حول اهمية دورها ورفع قيمتها في المجتمع الجمعي فشاركت في المظاهرات وساعدت الفدائيين إمدادهم بالغذاء والدواء وكانت تعمل على حماية الشباب من بطش واعتداءات الجنود الصهاينة.
على الصعيد الثقافي فإن المرأة الفلسطينية تعد محوراً أساسياً من محاور التنمية الثقافية في المجتمع وذلك لأنها تمتلك المقومات الفكرية والإبداعية التي تستطيع من خلالها التعبير عن الهموم والقضايا التي تشغلها الأمر الذي أدي إلى حفاظها على الهوية الثقافية وينضوي ذلك بالحفاظ على العقيدة واللغة والتاريخ ووحدة المصير.
كان دور المرأة للحفاظ على الهوية الوطنية كبير من حيث محاولة الاحتلال التي جاءت من خلال سياسته القمعية لكسر صمود الشعب الفلسطيني وشطب هويته وموروثه الوطني انعكس ذلك على المرأة فأصبح الحفاظ على الهوية الوطنية من أولويات المرأة الفلسطينية.
على المستوى الذاكرة لقد لعبت المرأة دورا مهما في الحفاظ على الهوية والتاريخ الفلسطيني ذلك لدحض الرواية الاعداء الصهاينة ومحاولة استبدال الرواية الفلسطينية وبالتالي طمس الهوية وبعثرة الذاكرة الوطنية الجمعية الذي يحرص كل فلسطيني على التمسك بها لأن الذاكرة هي محور أساسي للتاريخ الشفوي.
من ناحية التراث والفن فكانت المرأة الفلسطينية تتقن فن التطريز اليدوي وأيضا الحياكة ولذلك تتميز فلسطين بالتطريز على الاثواب مثل تطريز العلم فلسطين وتطريز شكل المفتاح الذي يعبر عن التمسك بحق العودة وايضا الزيتونة والأرض للتعبير عن معاني ومكان الأرض في وجدان الشعب الفلسطيني.
من ناحية اللغة فإن اللغة تعتبر عنصر هام من عناصر الهوية الثقافية لأن كل لغة تعبر عن هوية ثقافية خاصة بالمجتمع الذي يعمل على توظيفها في الاتصالات المختلفة ولذلك يجدر بنا الاشارة الى اللهجة التي تتعدد في اللغة الواحدة فمثلا من خلال العادات والتقاليد يتولد لدى الأفراد الذين توارثوها أسلوب اجتماعي من خلاله يمكن التفاعل بين الأفراد فهي الدعائم التي يقوم عليها التراث الثقافي في كل بيئة اجتماعية.
وعلى الصعيد التنظيمي والنقابي شكلت المرأة العديد من اللجان التي تميزت بامتدادها الجغرافي الشامل لمدن وقرى ومخيمات فلسطين فعملت على تنظيم العديد من الحملات لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ونشر التوعية لاستقطاب أكبر عدد من الكوادر النسائية للعمل في الاتحادات المختلفة لخدمة شعب فلسطين ومواجهة تحديات العدو.
فكان بذلك دور المرأة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية والتراث الشعبي وربط كافة المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للدفاع عن القضية الفلسطينية وإبرازها للعالم وتذكير الأجيال القادمة بالتراث والهوية الوطنية الفلسطينية.
كاتبة من فلسطين