ثم ماذا بعد الحرب؟؟؟
ثم ماذا بعد الحرب؟؟؟
د.علي عبدالقادر
لعل هذه الحرب اللعينة ستكون الدرس الاهم في حياة الشعب السوداني في الدولتين السودانيتين!!! وتجعله يهتز من حلفا الى “نيمولي”!!! إن هذا الشعب العظيم عرف هو وعرف العالم من بداية التاريخ ان ارضه مليئة بالخير فوق الأرض وتحت الارض وانه كان محل اطماع فردية وجماعية واقليمية ودولية على مر التاريخ .
بعد ان توسعت العاصمة الخرطوم واحتوى ما يقارب ثلث سكان السودان، وبالطبع انتقلت اليها كل الحركات المسلحة بصراعها المسلح المتنافس على من يسيطر على جهاز الحكم في الخرطوم وبخاصة وزارتي المالية والمعادن باعتبار من يسيطر على المال ويشترى السلاح هو من سيتحكم في القرار السوداني؛ مما ادى لتأزم الحال حتى أودى للفتنة بين الاخوة الاعداء.
اذن اختلفت اسباب الصراع وتعددت وان كان عصبها هو التمتع بخيرات السودان فوق الارض وتحت الارض دون الاهتمام باستثمارها وتطويرها ، خاصة إن إمتلاك السلاح لا يمكن ان يحل بحال من الأحوال في محل إمتلاك رؤية سياسية وبرامج إقتصادية للتنمية وهو ما ماكان سيوفره الحكم المدني.
وهاهي الخرطوم تشتعل في حرب لن يكون فيها منتصر بل الخاسر هو كل السودان وشعبه كإخر مرحلة قبل الانتقال لحرب أهلية ستؤدي لتمزيق الشعب كما في سوريا ولتقسيم السودان كما في الصومال.
الان بعد أن ادرك الجميع تلك المخاطر الكارثية وبعد موت الالاف من المواطنين وهذا الدمار ، يجب ايقاف الحرب فورا، والقبول بهدنة مستمرة تسمح بمفاوضات تنتهي بإعادة الحكم المدني على الاقل لفترة انتقالية تقدر باربعة سنوات يتم فيها عودة العسكر للثكنات وحل ودمج كل من تنطبق عليه الشروط التي يتفق عليها من الدعم السريع وكل الحركات المسلحة في القوات المسلحة .
كذلك خلال تلك الفترة يجب اعادة تكوين عقلية المواطن السوداني عبر المناهج المدرسية والاعلام الرسمي والشعبي ووسائل التواصل الاجتماعي وخطب المساجد وصلوات الكنائس بل وفي مخاطبة وقفات شعبية في الأسواق؛ بنبذ القبلية والجهوية وكل اسباب التفرقة الدينية والحزبية والفكرية وغيرها؛ وحتمية الوحدة الوطنية وإعادة نسيج و تشبيك اللحمة الوطنية لسلامة الشعب والوطن.
وافهام المواطن بان الخير الذي تحت أرجله يكفي لمئات الاجيال القادمة وان عليه فقط توحيد الصف الوطني و التعاون لاستثمار ذلك الخير من اراضي زراعية خصبة وثروات حيوانية ومعادن وبترول وغيره، والاتجاه نحو التنافس في الانتاج؛ و فهم ان الحكم ليس هدف في ذاته بل وسيلة لخدمة الشعب وليس للاغتناء الشخصي. وانه ليس المهم من يحكم بل الاهم كيف يحكم السودان، و فهم ان الحكم المدني هو الآلية الوحيدة لتحقيق العدل وبسط الحريات و نشر المساواة التامة بين كل افراد الشعب دون الالتفات لاثنية او جهوية او غيرها؛ وتقديم الشخص المناسب بحسب تخصصه وأمانته للمنصب المناسب لخدمة الشعب.
على المواطن ان يفهم ان ما سبق هي امانة ومسؤولية فردية امام الله لكل مواطن اما ان تساهم ايجابيا في اعادة البناء والتعمير، وبالعدم تساهم في الخراب و التدمير واستمرار الحرب ولربما وعودتها مرة أخرى .