رقصة الألم في زمن الظلام: حكايات الأسرى وقسوة الحروب
رقصة الألم في زمن الظلام: حكايات الأسرى وقسوة الحروب
أ. علي أبو خليل
في زمن الحرب والأسى، يرقص الألم في قلوب الأسرى،
تحيط بهم الجدران ويتناوبون بسترة واحدة لعشرة اسرى.
تُغلف الليالي بظلم الزمان، ونبضات الأسى تتسارع في الغرف.
صلاة الجماعة ممنوعة، والنور يغيب في النهار، لكن في الليل يعصف الظلام.
وفي القاع تتراقص أحلامهم بحرية مفقودة، الوجبة الوحيدة تأتي بالحلم, والمر، بيضة أو رز ودجاج قاسٍ.
يرتدون عباءة الألم ويمسكون بأمل بين أنياب الألم.
في كل تناوب يرقصون على الماء، ست دقائق من نعمة تسرقها القيود.
الموسيقى الصاخبة تنغمس في الليل الحزين، السلاح يستلطف جبينهم، يشكل تهديدًا يحاكي الرعب في كل لحظة.
في هذا السجن الظالم تعترض طريق الزيارات، يُسمَم الصمت بالضرب والتعذيب في ليالي العتمة.
تتمايل قيود الجدران بعيدًا عن لغة الرحمة، في هذا السجن الصامت، حيث الكلمات ملونة بألمها، يكتبون في الصمت قصيدة الألم ويخطون على الورق بآهات الحنين.
في أعقاب الحرب على غزة، تتفاقم الانتهاكات الحقوقية والإنسانية بشكل ملحوظ، حيث يتعرض الأسرى لممارسات قاسية من قبل السجانين, يشكل هذا السياق الصعب محورًا مثيرًا للقلق يتطلب فحصًا دقيقًا للآثار الإنسانية والقانونية لهذه التصرفات, يندرج هذه المقالة ضمن محاولات لتسليط الضوء على هذه الظاهرة .
تتجلى تلك الممارسات القاسية في معاملة الأسرى بوضوح داخل السجون, خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها, حيث يُجبر عشرة أسرى على التناوب على سترة واحدة فقط في هذا البرد القارس، مما يزيد من حالة الاختناق ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة بالنسبة لهؤلاء الأفراد, بالإضافة إلى ذلك، يقتصر لباس الأسرى على بنطال واحد، و بلوزة واحدة، ولباس داخلي واحد فقط، مما يعزز من درجة الإهمال الصحي ويسلبهم كرامتهم, تشير هذه الظروف القاسية إلى ضرورة ملحة للتدخل لتحسين ظروف الأسرى وضمان احترام حقوقهم الإنسانية في هذه الظروف الصعبة .
كما يواجه الاسرى إجحافًا كبيرًا في إمكانية الاستحمام، حيث يُسمح للغرفة التي يسكنها عشرة اشخاص ان تصلهم الماء لمدة ساعة يوميًا, يجدون أنفسهم يتناوبون على فترات قصيرة للاستحمام أي ستة دقائق لكل اسير، ما يضعهم في ظروف صحية صعبة, يعزز هذا الوضع من مخاطر الإصابة بأمراض صحية نظرًا للتقييد الشديد في الحصول على وسائل النظافة الأساسية، ويعرِّضهم للتهديدات الصحية المحتملة في ظل ظروف الحرمان المتواصلة.
يقتصر تقديم الطعام على وجبة واحدة في اليوم من مواد غذائية قليلة وغالبًا ما تكون مؤلفة من بيضة واحدة او علبة لبن مع اربع معالق ارز ودجاج قاس في وعاء فارغ من الرحمة، مما يترك الأسرى يعانون من نقص التغذية ووقوع الكثير منهم في حالات التسمم .
يتم تعزيز التعذيب النفسي للأسرى من خلال سياسات محكومة بالظلم, تتسم الغرف بالظلام التام خلال ساعات النهار، حيث يتم قطع النور بشكل كامل، مما يجعل البيئة غير قادرة على توفير حتى الحد الأدنى من الإضاءة الطبيعية, وفي المقابل يُشعل النور بشكل كامل في ساعات ما بعد منتصف الليل، مرفقًا بموسيقى صاخبة تملأ السجن بأصواتها المزعجة, هذه السياسات تستنزف حق الأسرى في الراحة والنوم، إذ يجبرون على البقاء مستيقظين طوال الليل، معرضين للإرهاق الجسدي والنفسي .
صدى الألم يتجلى في منع صلاة الجماعة ويشتد عند العدد, حيث يجبرون على الوقوف على ركبتيهم، ووضع أيديهم وراء رؤوسهم, و السجان يرفع سلاحه نحو جبينهم، يتربص التهديد بهم كظل مظلم يُلوِّح بالمهانة في هذا الوضع المهين .
في هذا السجن المظلم، الذي ارتسمت بواباته الباردة بألوان القهر، تمتنع عن فتح أبوابها لاستقبال ضيوف الرحمة، حيث يسودها قوانين القمع التي تمنع الزيارات للسجناء, يعيش الأسرى في هذا الجحيم تحت ظل التعذيب المستمر، حيث يُمارس عليهم الضرب المبرح بلا رحمة، وينعكس العنف في كل زاوية من زوايا السجن، بينما يندى أرواح الضحايا بأنين مؤلم, يُسلب الأسرى من حقوقهم الإنسانية ويتعرضون للإهانة المتكررة بلا مبرر, وفي هذا السياق المأساوي، فإن 7 أسرى للأسف استشهدوا نتيجة التعذيب بعد السابع من أكتوبر 2023.
هذا الواقع المرير يتطلب التدخل الدولي وتكثيف الجهود لكشف هذه الانتهاكات الجسيمة والعمل على إنهائها .