من المسؤول عن تدمير ثلاث مدن عراقية كبرى
من المسؤول عن تدمير ثلاث مدن عراقية كبرى
د. سعاد ناجي العزاوي
تقديم:
يتفق معظم المؤرخين على أن داعش انبثقت من تنظيم القاعدة في العراق خلال فترة الغزو الأمريكي للفترة من 2003-2011 وقد تم تشكيل هذه االتنظيم في المقام الأول على يد أبو مصعب الزرقاوي، وهو أردني، وزعيم لتنظيم القاعدة في العراق آنذاك (Hassan 2018). وكانت أول جماعة لها علاقة و تابعة لتنظيم القاعدة في العراق هي أنصار الإسلام، وهي فصيل متطرف تأسس تسعينيات القرن الماضي ، حيث كان يتألف من فصائل إسلامية مختلفة انشقت عن الحركة الإسلامية في كردستان (ECOI.net 2005 ) وخلال تلك الفترة، كان العراق تحت الحصار الاقتصادي الشامل وكانت كردستان العراق تحت حماية مناطق حظر الطيران الأمريكية/البريطانية، التي أنشئت بشكل غير قانوني أو بدون تخويل من المنظمة الدولية بعد حرب الخليج الأولى عام 1991. لقد نفذت القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية أكثر من مئتين وثمانين ألف ( 280000) طلعة جوية مراقبة وقصف للمنشآت الاقتصادية والعسكرية والمدنية ( Power 2000 ) في مختلف أنحاء العراق للفترة من( 1991- 2003 ) تمهيدا لاحتلاله. أي أن تنظيمي القاعدة وداعش نشطا في العراق تحت حماية ووجود التحالف والاحتلال الأمريكي، وليس تحت السيطرة الأمنية للحكومة العراقية قبل الاحتلال. علماً أن مؤسس جماعة أنصار الإسلام هو الملا كريكار، وهو رجل دين كردي عراقي متشدد حيث كان مقر الجماعة في البداية في جبال قنديل على طول حدود كردستان العراق وتقوم بالهجوم على قطعات الجيش العراقي الوطني شمال العراق بموافقة وعلم قادتهم السياسيين آنذاك . وبعد غزو وأحتلال العراق عام 2003، انتقلت جماعة أنصار الإسلام إلى مدن عراقية أخرى لقتال القوات الأجنبية في المدن التي قاومت الاحتلال الأمريكي بالسلاح وتعرضوا لانقسامات كبيرة عندما اتبع بعض قادتهم أبو مصعب الزرقاوي بعد عام 2004 (GlobalSecurity 2014).
وأثناء احتلال العراق عام 2003 وعدم السيطرة على الحدود بعد قيام الحاكم المدني للاحتلال الأمريكي بول بريمر بحل الجيش العراقي الوطني والقوات الأمنية ومنها قوات حرس الحدود ، صار للجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة حرية عبور الحدود إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك سوريا. وبعد انقسامات متعددة داخل هذا التنظيم ، تم الإعلان رسميًا عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) عام 2013. وبدأت مرتزقة هذا التنظيم المسلحة بالرغم من وجود جيوش نظامية هائلة في العراق وسوريا ومليشيات طائفية مسلحة لأحزاب السلطة في المنطقة الخضراء باحتلال مدن كبيرة عريقة مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من كركوك وديالى في العراق بعد انسحاب الجيش النظامي المتعمد منها وعدم الدفاع عنها . ويلاحظ أن المدن التي احتلها مرتزقة هذا التنظيم الملغوم بأكثر من عشرين ألف أجنبي ( 20,500) حسب مانشرته وكالةالأخبار البريطانية BBC 2018) ) منهم من دول حلف الناتو مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكذلك من روسيا وأوزبكستان ومن دول عربية أيضاً , كلها ضمن ماكانت القوات الأمريكية تسميها ( مدن مثلث الموت لقوات الاحتلال الأمريكي) , أي االمدن التي نفذت المقاومة المسلحة العراقية فيها أكثر من مئة ألف عملية ضد القوات الأمريكية المحتلة وأجبرتها على الانسحاب من العراق. والشكل الذي نشرته وكالة الأخبار البريطانية BBC عام 2006 في أدناه ( Seymour 2006) والصادر عن قوات التحالف الأمريكي في العراق يوضح قيام المقاومة المسلحة العراقية في المدن التي احتلتها داعش لاحقاً بتنفيذ ( 54,400 ) أربعة وخمسين ألف وأربعمئة هجوم مسلح على قوات الاحتلال( للفترة من نيسان 2003 لغاية منتصف 2006 فقط) فما بالك لغاية 2011.
وبكل الأحوال فإن ماحصل في هذه المدن تتحمل مسؤوليته الكاملة قيادات الجيش النظامية التي أمرت قطعات الجيش في هذه المدن بالانسحاب من مواقعها وعدم الدفاع عنها بأوامر من القائدالعام لهذه القوات آنذاك رئيس الوزراء نوري المالكي حسبما ما جاء في نتائج تقرير اللجنة البرلمانية التي حققت بموضوع هذه الكارثة لاحقاً ( Strachan 2017 ) .ولكن ومع كل هذه الخسائر في الأرواح والممتلكات والتلوث والتدهور البيئي الذي نجم عن هذه العمليات العسكرية, لم يتم توجيه أي اتهام قانوني لنوري المالكي أو القادة العسكريين الذين خانوا واجبهم في الدفاع عن سيادة وأراضي وشعب وثروات العراق, مما يدل على أن ماجرى كان خرقاً سيادياً مخطط له من أطراف عراقية ودولية متعددة لاستكمال ترويض العراقيين في هذه المناطق لقبول كافة قرارات الاحتلال والعملية السياسية الطائفية التي وضعها وإبقاء العراق تحت الوصاية الأمنية والعسكرية الأمريكية بعد أن أثبت الجيش العراقي (الجديد )الذي دربه الأميركان منذ عام 2004 عدم إمكانيته الدفاع عن أرض وشعب العراق.
أما العمليات العسكرية الكبرى التي تمت لتحرير المدن العراقية التي احتلتها مرتزقة داعش المسلحة بعد انسحاب قوات الجيش النظامي منها ، والتي نفذها التحالف الأمريكي مع الجيش العراقي وميليشيات أحزاب السلطة المسلحة مثل الحشد الشعبي، فهي كما يلي ( بي بي سي 2017):
تموز 2014 : احتل تنظيم داعش مدن غرب نهر الفرات من الحدود مع سوريا إلى الرمادي.
7 تموز 2014: أمر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشن غارات جوية لمنع داعش من غزو أربيل وحماية الإيزيديين في جبل سنجار.
أيلول 2014 : دخول التحالف الأمريكي رسميا الحرب ضد داعش.
1 نيسان 2015 :الجيش العراقي يحرر مدينة تكريت بعد قصف مكثف للتحالف الأمريكي شملت المناطق السكنية والخدمات.
17 أيار 2015 : تنظيم داعش الإرهابي يحتل مدينة الرمادي.
15 تشرين الثاني 2015 : قصف التحالف الأمريكي المكثف يدعم البيشمركة الكردية لتحرير سنجار .
28 ديسمبر 2015 : الجيش العراقي مع المليشيات المسلحة تدخل الرمادي بعد تدمير نصف المدينة بالغارات الجوية للتحالف الأمريكي .
25 أذار 2015 : دخول الجيش العراقي مدينة كبيسة بعد القصف الجوي المكثف لقوات التحالف.
26 حزيران 2016 : استعادة الجيش العراقي لمدينة الفلوجة بعد تدميرها بالغارات الجوية للتحالف الأمريكي.
22 أيلول 2016 : استعادة الجيش العراقي مدينة الشرقاط بعد تدمير جزء كبير منها بالغارات الجوية لقوات التحالف الأمريكي.
17 تشرين اول 2016 :الإعلان عن الحملة العسكرية لتحرير الموصل.
تموز 2017 استعادة مدينة الموصل من قبل الجيش العراقي بعد تسع أشهر من قصف التحالف الأمريكي الجوي المكثف وتدمير أكثر من 60 % من الجانب الأيمن من مدينة الموصل مع القصف الصاروخي أرض-أرض للجيش العراقي وتفجيرات مرتزقة داعش الإرهابي كلها موجهة للمناطق السكنية ومؤسسات الدولة والخدمات والتي أدت إلى عشرات الآلاف من المدنيين تحت أنقاض بيوتهم بعد أن تم الطلب منهم بمنشورات من حكومة العبادي البقاء في بيوتهم وعدم مغادرتها وفق ما أعلنته منظمة حقوق الإنسان أمنستي آنذاك (AMNESTY, 2017).
في ديسمبر/كانون الأول 2017 أعلنت الحكومة العراقية أن حربها ضد داعش انتهت باستعادة مدينة الموصل.
القوة التدميرية التي استخدمت في المناطق السكانية في الحرب ضد داعش:
اعتمدت معظم الحروب في الآونة الأخيرة بشكل متزايد على الهجمات الجوية لتقليل الخسائر البشرية في صفوف القوات المسلحة ومعالجة الجوانب الاقتصادية الأخرى. والأسلحة المستخدمة في الهجمات الجوية، مثل المتفجرات شديدة الانفجار والأسلحة الحارقة والذخائر الإنشطارية والقذائف الإشعاعية لا تؤدي إلى وفيات بشرية فحسب بل تؤدي أيضاً إلى تلوث بيئي هائل للتربة والمياه والهواء و تدمير الحياة البرية والموارد الطبيعية. وأصبحت هذه الحروب أكثر تدميراً لكنها أكثر ربحية للمستثمرين فيها، بما يخدم مصالح صناعة الأسلحة وشركات المقاتلين من المرتزقة ومقاولي الأمن وشركات إعادة الإعمار والخدمات اللوجستية. لقد كلف إجمالي إنفاق البنتاغون منذ بدء الحرب على الإرهاب في عام 2001 بحدود 14 تريليون دولار أمريكي (Hartung 2021)، وكلف غزو العراق دافعي الضرائب الأمريكيين حوالي 2.058 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2021 (Crawford 2023).
لقد استخدمت جميع الأطراف التي اشتركت في العمليات العسكرية لاستعادة المدن التي احتلتها مرتزقة داعش المسلحة في العراق عام 2014 كميات هائلة من الأسلحة وأنواعها في هذه الحرب التي اعتبرها البعض عالمية وقعت أحداثها على الأراضي العراقية. وكانت عواقب استخدام هذه الأسلحة كارثية على البيئة و السكان في هذه المناطق. علماً أن هذه العمليات الحربية كانت تتحاشى الدخول في اشتباكات مباشرة مع مرتزقة داعش ( حرب شوارع) لتقليل خسائر الجيش والمليشيات المسلحة الموالية للحكومة, أي أن القصف العشوائي كان يتم من أطراف المدن على المناطق السكانية مما أدى إلى تدمير البيئة الحضرية والطبيعية في هذه المناطق وقتل عشرات الآلاف من المدنيين من ضمنهم الأطفال والنساء .والشيوخ تحت أنقاض منازلهم. وهذا النوع من العمليات العسكرية يذكرنا بهجوم الاحتلال الأمريكي على مدن الفلوجة وبلد وسامراء وحديثة, والعمليات الانتقامية ضد السكان المدنيين بحجة القضاء على المقاومة المسلحة أثناء فترة احتلال العراق ( GPF 2007 ).
ولتوضيح الكارثة التي حصلت في مايسمى (بحرب تحرير المدن من سيطرة داعش) سيتم الاستشهاد بما نشرته منظمة العفو الدولية، في تقرير بعنوان “بأي ثمن: الكارثة المدنية في غرب الموصل في العراق”، بتاريخ 11 يوليو/تموز 2017و , حيث أوضح التقرير مايلي:
(خلال هذا النزاع المسلح، اعتمد الجيش العراقي في المقام الأول على معدات العمليات البرية، بما في ذلك إطلاق قذائف الهاون ومدافع الهاوتزر على المناطق السكنية التي كان يختبئ فيها مقاتلو داعش. واستخدم التقرير مصطلح “القوات الموالية للحكومة” للإشارة إلى القوات المسلحة العراقية وقوات الأمن والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.)
وذكر التقرير أنه في عملية الاشتباك مع داعش غرب الموصل، استخدمت القوات الموالية للحكومة المدفعية وقذائف الهاون عن بعد، وخاصة الصواريخ، إلى جانب مجموعة متنوعة من الذخائر جو-أرض. وشمل قصف المدينة الصواريخ والقنابل الملقاة جواً وقذائف المدافع التي أطلقتها طائرات ثابتة الجناحين، فضلاً عن الصواريخ والقذائف الصاروخية وقذائف المدافع وذخيرة المدافع الرشاشة من طائرات الهليكوبتر الهجومية. كما تم استخدام ذخائر أرض-أرض مثل المقذوفات التي تطلق من المدفعية الصاروخية ومدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة من طراز BM-21 “غراد”، بالإضافة إلى قذائف الهاون والصواريخ IRAM. . والمشكلة في بعض الأسلحة كما أوضح تقرير منظمة العفو الدولية، هي أن أسلحة IRAM غير موجهة وعشوائية، كما هي الحال مع صواريخ غراد عيار 122 ملم غير الموجهة.
واستخدم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة صواريخ M31 GMLRS (نظام إطلاق الصواريخ الموجهة بنظام تحديد المواقع الجغرافية العالمي (GPS) والتي يمكنها الاشتباك مع أهداف على بعد يتراوح بين 15000 متر و70000 متر) في مناطق شديدة الكثافة السكانية . أي أن أي خطأ في الإصابة يؤدي إلى هلاك عشرات الآلاف من المدنيين تحت أنقاض بيوتهم سيما بعد أن أبلغتهم حكومة حيدر العبادي بالبقاء في بيوتهم وعدم مغادرتها (AMNESTY, 2017) حسبما أكدت منظمة أمنستي لحقوق الإنسان في 2017.
وهكذا تعرض الجانب الغربي من مدينة الموصل لتدمير يزيد عن 60% في بنيتها التحتية، التي شملت البنى الارتكازية الاقتصادية، والموارد والخدمات اللازمة لإدامة الحياة المدنية، وتدمير المواقع الثقافية والآثارية التي تعتبر من الإرث الحضاري العالمي والمناطق السكنية.
ويختلف مستوى تأثيرات الحروب باختلاف أنواع الأسلحة المستخدمة وكميتها. وشملت الحرب ضد داعش مناطق واسعة من الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وأجزاء من محافظات التأميم.
لقد أسقطت الغارات الجوية للتحالف الأمريكي للفترة من( 2014-2017) أكثر من خمسين ألف وخمسمئة وسبعة وأربعين صاروخاً بالقصف الجوي على المدن المذكورة ( 50,547 ) ( AFCENT 2017 ) والتي تزن بحدود اثنين وعشرين ألف ومئتين وأربعين طناً من المتفجرات 22,240) )على هذه المناطق. علماً أن هذا الكم الهائل لا يشمل قصف المدن بعشرات الآلاف من أطنان القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة التي استخدمها الجيش العراقي والحشد الشعبي في العمليات العسكرية البرية والتي لو تم جمعها لتجاوزت 100 ألف طن من المتفجرات التقليدية والعنقودية والفسفور الأبيض والألغام الأرضية وغيرها من الأسلحة. ومن الأضرار المباشرة لهذه العمليات العسكرية ما يلي:
- نزوح نحو 5 ملايين مدني من سكان هذه المدن داخلياً وخارجياً. ولا يزال 1.2 مليون يعيشون في مخيمات اللاجئين داخل العراق ( Kaloti and Diab 2022 )
- تدمير أكثر من 50% من البنى التحتية والمساكن في هذه المدن، كما جاء في تقرير خطة التنمية الوطنية العراقية للأعوام 2018-2022 (وزارة التخطيط، 2018).
- تلوث شديد للهواء والتربة والمياه والغطاء الخضري نتيجة تدمير 19 بئر نفط في القيارة جنوب الموصل، وحرائق معمل كبريت المشراق، وتدمير محطات تزويد المياه بالغارات الجوية، مما أدى إلى انطلاق غاز الكلور الخانق للناس في المناطق المحيطة (برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2017)
- شمل الدمار في مدينة الموصل مثلا تدمير البنية التحتية الضرورية للحياة المدنية، مثل 9 مستشفيات و7 مراكز طبية و6 جسور وطرق و400 مدرسة وجامعة ومركز تعليمي. وتم تفخيخ 4 محطات لتوليد الكهرباء مع تدمير 65 بالمئة من شبكتها الكهربائية، و6 محطات لمعالجة تنقية المياه، وجزء كبير من البنية التحتية للمياه في المدينة، وتم قصف المجمع الصناعي الدوائي، وجميع مخازن الحبوب، ومعملي ألبان كبيرين، و212 صناعة نفط و محطات التوزيع، مع جميع المباني الحكومية العامة، وجميع البنوك الحكومية والخاصة، مع 63 مركزًا دينيًا (كنائس ومساجد) معظمها مواقع تاريخية،و 250 ورشة ومصنع، بما في ذلك الصناعات الزراعية، مع تدمير 29 فندقًا، ووفاة أكثر من 40 ألف ضحية بشرية مدنية. لقد تم تدمير 38 من أصل 54 منطقة سكنية من مناطق المدينة القديمة في الساحل الأيمن لمدينة الموصل (Adriaensens 2017) (BBC 2017) . كما أدت االعمليات العسكرية إلى إطلاق الزيوت البتروكيماوية والوقود والمذيبات العضوية الخطرة نتيجة تدمير محطات توليد الكهرباء.
إن مجموع الوحدات السكنية التي تم تدميرها بالقصف الأرضي والجوي خاصة في المناطق الريفية والحضرية في كل من هذه المحافظات في العراق للفترة (2014-2017) حسبما ورد في تقرير التنمية الوطنية للفترة (2018-2022) الصادر عن وزارة التخطيط لعام 2018:
محافظة نينوى (61,304) , محافظة الأنبار ( 24,615 ) , محافظة صلاح الدين (32,866) , كركوك في محافظة التأميم ( 15,894), ديالى (14,461), بغداد (3,920) , بابل (2,908 ) أي أن مجموع الوحدات السكنية التي تم تدميرها بلغ ( 155,968) أكثر من مئة وخمسة وخمسين ألف وتسعمئة وثمانية وستين وحدة سكنية.
أما عدد المؤسسات الحكومية و البنية التحتية الاقتصادية والخدمية التي تم تدميرها في المدن التي انسحب منهاالجيش واحتلتها داعش في العراق والأرقام من نفس التقرير الحكومي المذكور في أعلاه فهي كما يلي : تدمير موارد البيئة عدد( 2 ) , منشآت الموارد المائية) 373( , حقول ومنشات قطاع النفط) 71( , قطاع التجارة) 142( , مؤسسات الرعاية الصحية) 426( , قطاع التعليم) 1679( , قطاع الزراعة )279 (, خدمات الكهرباء) 248 (, خدمات الاتصالات) 177( , مراكز ثقافية) 32( , خدمات المياه والصرف الصحي) 580 (, مراكز ومؤسسات صناعية ) 178( , خدامات النقل والجسور )2041( , المؤسسات لحكومة) 2142 ) , فيكون مجموع الخدمات والبنى التحتية الأساسية لحياة المدنيين التي تم تدميرها بحدود ( 8370) ثمانية آلاف وثلاثمئة وسبعين مؤسسة وهذه بحد ذاتها جرائم حرب انتهكتها كافة الجهات التي اشتركت في هذه الحرب وفق اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1947 وملاحقها .
والغريب في عمليات (التحرير) هذه ان الجيش العراقي يحتفل (بتحرير) هذه المدن والقرى فتدخل مليشيات الحشد الشعبي لتحرق وتنهب الدور ومؤسسات الدولة والمصانع كما ورد في تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Right Watch بعنوان 🙁After Liberation Came Destruction: Iraqi Militias and the Aftermath of Amerli)
حيث قامت هذه المليشيات بحرق المناطق السكنية في مناطق أميرلي وبيجي والعلم وغيرها وسرقت اجزاء كبيرة من أكبر مصفى لتكرير النفط في في العراق في مدينة بيجي و مؤسسات حكومية اخرى.
لقد قام كل من التحالف الأمريكي والحكومة العراقية بنشر معلومات مضللة عن الخسائر البشرية بين المواطنين المدنيين كون استهدافهم يعتبر جريمة حرب, حيث كانوا يضيفون أعداد الضحايا المدنيين إلى قتلى داعش في إعلاناتهم . لكن في الموصل وحدها كان تقدير عدد الضحايا نتيجة القصف العنيف للمناطق السكنية أكثر من( 40000) أربعين ألف ضحية قضوا تحت انقاض بيوتهم التي لا تزال أجسادهم تحتها لغاية الآن ( 2017 Cockburn). وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الخسائر البشرية في بقية المدن والحواضر السكانية المدمرة التي بلغ عددها 31 مدينة رئيسية من محافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك وحزام بغداد وشمال بابل، فيما تم تسجيل 200 ناحية وقصبة وبلدة صغيرة ضمن المناطق المدمرة، مثل الصقلاوية وسلمان بيك والعياضية، فضلاً عن 1649 قرية ( المختار 2017). فإن الضحايا المدنيين تجاوز عددهم( 150000) المئة وخمسين ألف ضحية من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب .
لقد تم تقدير الركام الذي نتج عن القصف الجوي والعمليات العسكرية في غرب مدينة الموصل فقط بما يقارب 11 مليون طن لم يتم رفع معظمها لغاية الآن كما جاء في تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة ( UNEP 2017 ).
قدرت الحكومة العراقية خسائر احتلال وتحرير هذه المدن المادية بحدود 88 مليار دولار أمريكي ( Chmaytelli and Hagagy 2018)), وقدرت وزارة الدفاع الأمريكية كلفة القصف الجوي في الحرب ضد داعش بحوالي 14,7 مليار دولار أمريكي ( DoD 2023) قامت الحكومة العراقية بتسديد كلفتها حسب الاتفاق.
وخلاصة القول إن كافة هذه الخسائر في الممتلكات والأرواح ماكانت لتحدث لو أدت قطعات الجيش العراقي النظامية والقائد العام اللقوات المسلحة نوري المالكي آنذاك واجبهم المهني والوطني في الدفاع عن الأراضي العراقية ولم يرتكبوا جريمة الخيانة العظمى مرة أخرى تجاه العراق والعراقيين بانسحاب الجيش من المدن. والسؤال الذي يتبادر للاذهان يخص سبب سكوت الإدارتين الأمريكية والبريطانية وانتظارهم وقوع هذه الجريمة بالرغم من تواجد قواعدهم العسكرية والأمنية و أقمارهم الصناعية و دروناتهم وطائراتهم التي تجوب كل هذه المناطق بموجب بنود الاتفاقية الاستراتيجية الأمنية بين الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية !! إن التقاعس الحكومي والأمني الذي أدى لهذه الكارثة وهو في الحقيقة هو أحد نتائج احتلال العراق وإلغاء الجيش العراقي الوطني والقوى الامنية وتنصيب حكومة شكلية في المنطقة الخضراء , يدل على وجود اتفاق مسبق لتدمير هذه المدن العربية العريقة ومثيلاتها في سوريا كجزء من خطة التمدد الإستعماري على مناطق النفط والغاز في كل الدول العربية و تغيير هوية المنطقة وإلغاء عروبتها ضمن المشروع الإستعماري الأمريكي (مشروع الشرق الأوسط الكبير).
أستاذ مشارك في الهندسة البيئية
مصادر المعلومات:
Adriaensens, D. (2017), ‘The destruction of Mosul, U.S. crimes against humanity in the name of “Counterterrorism”,’ in A panel discussion of a side event at the 36th UN Human Rights Council in Geneva: ‘The destruction of Mosul’, https://www.globalresearch.ca/the-destruction-of-mosul/5611590.
AFCENT (2017), Airpower Summary: Operation Inherent Resolve – Destroying ISIS in Iraq and Syria. Air Force Central Command, 31 December, https://www.afcent.af.mil/Portals/82/Documents/Airpower%20summary/Airpower%20Summary%20-%20December%202017_Released.pdf?ver=2018-01-15-023307-640.
BBC (2018), ‘Islamic State and the crisis in Iraq and Syria in maps’, British Broadcasting Company, 28 March, https://www.bbc.com/news/world-middle-east-27838034. Accessed 2 December 2023.
Cockburn, P 2017. The massacre of Mosul: 40,000 feared dead in battle to take back city from Isis as scale of civilian casualties revealed. The Independent, 19 July 2017 19:57.
Crawford, N. C. (2023), Blood and Treasure: United States Budgetary Costs and Human Costs of 20 Years of War in Iraq and Syria, 2003–2023, Watson Institute for International and Public Affairs, Brown University, 15 March, p. 13,
https://watson.brown.edu/costsofwar/papers/2023/IraqSyria20..
Chmaytelli M., and Hagagy A. (2018), ‘Reconstruction after war with ISIS will cost $88 billion, says Iraq,’ Reuters, 12 February,
https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-iraq-reconstruction-idUSKBN1FW0JB.
ecoi (2005), Armed Groups in Iraq, European Country of Origin Information Network, Austrian Red Cross, ACCORD – Austrian Centre for Country of Origin and Asylum Research and Documentation, Document #1037043, https://www.ecoi.net/en/document/1037043.html.
GlobalSecurity (2014), ‘Ansar Al Islam’, Global Security, https://www.globalsecurity.org/military/world/para/ansar_al_islam.htm.
GPF (2007), War and Occupation in Iraq: Indiscriminate and Especially Injurious Weapons, Global Policy Forum, New York, https://archive.globalpolicy.org/empire/us-military-expansion-and-intervention/iraq-8-14/37163.html.
Hassan, H. (2018), ‘Ideas: the true origins of ISIS’, The Atlantic, 30 November, https://www.theatlantic.com/ideas/archive/2018/11/isis-origins-anbari-zarqawi/577030/.
HRW (2015), After Liberation Came Destruction: Iraqi Militias and the Aftermath of Amerli, Human Right Watch, 18 March, https://www.hrw.org/report/2015/03/18/after-liberation-came-destruction/iraqi-militias-and-aftermath-amerli .
ICRC (2021), Iraq: Four years later, much of Mosul still in ruins, International Committee of Red Cross Report, Middle East, 13 December, https://www.icrcnewsroom.org/story/en/1975/iraq-four-years-later-much-of-mosul-still-in-ruins.
ICRC (2017), Iraq: ICRC strongly condemns use of chemical weapons around Mosul, International Committee of Red Cross Report, 3 March, https://www.icrc.org/en/document/iraq-icrc-strongly-condemns-use-chemical-weapons-around-mosul.
Kaloti, R. , Diab, J. L. (2022), Refugees in Iraq: An Overview, Impact International for Human Rights Policies, 29 April, https://impactpolicies.org/news/267/refugees-in-iraq-an-overview.
Ministry of Planning, Iraq (MoP) (2018), National Development Plan in Iraq (2018–2022), Ministry of Planning, Iraq, 111–13, https://andp.unescwa.org/sites/default/files/2021-05/National%20Development%20Plan%202018-2022.pdf.
Power, J. (2000), ‘Why is Iraq still being bombed?’, Taipei Times, 9 July, p. 9,
https://www.taipeitimes.com/News/editorials/archives/2000/07/09/0000043066. Accessed 2 December 2023.
Seymour, R. (2006), ‘Latest Iraq resistance stats. Surprisingly, the BBC carried this’, Leninology, 22 August, http://www.leninology.co.uk/2006/08/latest-iraq-resistance-stats.html.
Strachan, A. L. (2017), Factors behind the fall of Mosul to ISIL (Daesh) in 2014. K4D Helpdesk Report, Brighton, UK: Institute of Development Studies, 17 January, https://www.gov.uk/research-for-development-outputs/factors-behind-the-fall-of-mosul-to-isil-daesh-in-2014..
UNEP (2017), Environmental issues in areas retaken from ISIS Mosul, Iraq. Rapid Scoping Mission, Geneva: United Nations Environment Programme, July–August, https://www.unep.org/resources/publication/environmental-issues-areas-retaken-isil-mosul-iraq-technical-note.
United States Department of Defense (2023), Operation Inherent Resolve: Targeted Operations to Defeat ISIS, Cost of Operations, United States Department of Defense, https://dod.defense.gov/OIR/.
وكالة بي بي سي الأخبارية 2017. تنظيم “الدولة الإ سلامية”: كيف بدأوا وإلى أين انتهوا. 29 يونيو/ حزيران 2017.
عثمان المختار 2017. الحصاد المر لداعش في العراق: دمار وموت ونزوح. صحيفة العربي الجديد, 14أكتوبر 2017. https://www.bing.com/ck/a?!&&p=