“مقتدى” لم يقتد ِ بدين الهدى!!
“مقتدى” لم يقتد ِ بدين الهدى!!
د. علي القحيص
مازال الناس في حيرة من أمرهم ودهشتهم منذ عام 2003 ،عندما احتُلَّ العراق وتمزق وتدمر ، وظهرت الطائفية المقيتة وطغت على الهوية الوطنية ، وفقد العراق سيادته وأصبح ساحةً لتصفية الحسابات…
وبرزت شخصيات دينية (شيعية) طائفية ومتطرفة متشددة تريد أن تلغي الآخر ، وأعلنت صراحةً ،وبكل صلف، ولاءها لإيران .. وصرنا نشاهد هذه الأيام مظاهر التطبير والضرب بالسيوف لرؤوس الرجال وأجسادهم وهم في حالة هستيرية من ( الدروشة) وغياب العقل ، والانغماس في التيه وسفك الدماء حتى موت البعض وجرح المئات من العراقيين جراء هذا الوهم الباطل والخداع والبدع … في مشاهد عنيفة مؤلمة وصادمة من هول رؤية إيذاء النفس التي كرمها الله .
ومع هذا نسمع خطاباً من السيد مقتدى الصدر – وهو زعيم شيعي للتيار الصدري – يرفع شعار اً يقول فيه عن نفسه : (أنا عراقي شيعي بالعلا، سنيّ الصدى ، مسيحيّ الشذى، صابئيّ الرؤى، أيزيديّ الولا ، سلامي المنتهى ، مدنيّ النهى ، عربيّ القنا، كرديّ السنا ، آشوريّ الدنا، تركمانيّ المنى، شبكيّ الذرى).. هذا تعريفه لنفسه في حسابه الرسمي!
ولكن كما يقال ( أسمع كلامك تعجبني، أرى أفعالك أتعجب )!!
إنّ هذا التعريف جميل ومنطقي لأنه يختزل هوية وطوائف وقوميات كل العراقيين بهذا الوصف الوطني الإنساني ! فيما لو كان (صحيحاً) !
وهناك من لايزال يقول إن مقتدى الصدر “عربيّ مستقل” وأفضل من غيره من الطائفيين المتطرفين الذين لايمكن التفاهم معهم !
والصدر يتهم بعض أبناء طائفته بالولاء لإيران ويصفهم ( بالخونة والعملاء) وهم يتهمونه بالوصولية
والانتهازية وإشعال الفتن الطائفية !
لكن الطامّة الكبرى حين انتشرت حديثاً ،بمناسبة “عاشوراء”، مقاطع فيديو على منصة( × ) بالصوت والصورة للسيد نفسه يهاجم السنة وأتباعهم ومن والاهم، ويلعن كل الطوائف التي تعاقب حكمها في العراق ، بل يكفّرهم ويجزم أنهم ذاهبون إلى النار لامحالة !
لأنهم لم يناصروا سيدنا الحسين،( رض)، ويشتم ويسب العباسيين والأمويين ، ويتوعد كل من هو غير شيعي ولايلبي دعوات الحسين ولايبكي عليه، ويلعن يزيد ومعاويه ويمنع إطلاق اسمهما على المواليد ، ويكفّر من كان على ملّتهما ، ويقذفهم بأبشع الشتائم وأقسى السباب وأقذع اللعن والطعن بدينهم وأخلاقهم وشرفهم ، ويدعو عليهم بالهلاك الظالم هم ومن كان على شاكلتم من هذه الفئات الضالة حسب زعمه !
ونحن نعرف أن الذين قتلوا الحسين هم من طائفته ، وهم الذين قالوا له (أقدِم) ثم خانوه ! وكل الذين غدروا به هم من مذهبه !
ومالنا نحن ولهذه القصة التاريخية الدينية التي حدثت قبل 1400 عام ؟! ما ذنبنا وما ذنب طائفة أهل السنة واتباعهم ليتمّ إقحامهم بهذا الموضوع حيث اختلفوا ( أبناء عم فيما بينهم ) في تلك الفترة التي مضت و عفا عليها الزمن ؟! لماذا نجترّ الماضي ونجلد ذواتنا ونبكى ونلطم حزناً ونموت قهراّ، ونضرب وجوهنا بالأحذية انتقاماً من أنفسنا ، ونهيل التراب على رؤوسنا، ونمرغ انوفنا ووجوهنا بالطين ، ونزحف على العتبات المقدسة على (أكواعنا )حتى تدمى… تقرباً من الله بحجج واهية وأساطير خرافية ؟!
بل نصدع رؤوس الأطفال أيضا وهم يبكون ويصرخون خوفاً من هول الفاجعة بسبب مشاهد الدماء المسفوكة..
الأطفال يصرخون من الرعب، ونحن نتباكى على شخص اختلف مع جماعته وقُتل بسبب النزاع على زعامة الخلافة قبل أكثر 1400 عاماً !!
ما ذنبنا وما ذنب أطفالنا واجيالنا ومجتماعتنا واوطاننا ومواطنينا الذين مازالوا يدفعون ثمناً كبيراً ، ويعانون من تبعات شرخ عميق بسبب الجهل والضلالة والشرك بالله باتباع هذه الخزعبلات والخرافات المتخلفة الظلامية التي لم ينزل الله بها من سلطان ؟!!
اللهم ثبّتنا على دينك المستقيم الصحيح ، وأبعد عنا الفواحش والشرك والتخلف والخرافات والضلالة والفتن.
كاتب سعودي