مقالات كل العرب

جنوب لبنان و (عاشوراء)!!

شارك

جنوب لبنان و (عاشوراء)!!

د. علي القحيص

هذه الايام وخلال شهر عاشوراء ، تكثر الروايات والقصص والحكايات والأحاديث والبدع و(الخرافات)،والفتن الظاهر منها وما بطن !!
تناولت هذه الفترة لقصة يقال انها حقيقة إنسانية، حيث يذكر هناك قصة تختلف عن مشاهد ومظاهر ( التطبير والضرب بالسيوف والزناجيل و السكاكين واللطم على الخدود ، والصياح والنياح وشق الجيوب وهيل التراب على الرؤوس) !!
حدثت قصة واقعية حصلت في جنوب لبنان.في هذا الشهر (عاشوراء).
حين أعتلى الشَّيخ المعمم على المنبر مدججا بالسيوف والزخارف والخواتم والهندام الأسود الكامل الذي ينذر بالحزن والكآبة والخوف والهلع! وبدأ يقرأ ( السِّيرة ) عن احداث عاشوراء ، وماتلته من والمصائب والقتل وسفك الدماء وتقطيع وجز الرؤوس !
حتَّى وصل إلى :
ياناس ياعالم ..(هل هناك مُصيبةٌ أكبر من مُصيبة الحسين؟)!
وهو يصيح بصوت عالي جدا..
اعترض أمامه في القاعة المعدة للخطبة و وقف اللبناني البسيط ، شاحب الوجه ونحيل الجسم ، محودب الظهر (أبو منصور ) وهو أحد أبناء البلدة الفقراء وبصوته الجهوريِّ ، صاح :نعم ، نعم..نعم…ياسيد !
ضجّت القاعة وكثُرت الهمهمة : ماذا سيقول (أبو منصور )، وكيف يتجرأ على معارضة السيد فهذا أمر لم يحصل سابقا في العرف والتقليد المذعبي ؟
قال: بالله عليكم يا شيخ ؟ هل بِتَّ وزوجاتك والأبناء ليلةً واحدةً بدون اكل وانت واولادك تتضورون من الجوع وقلة الطعام من الفقر ؟
هل يُصيب بيتكم الحرَّ صيفاً والقُرّ شتاءً ؟
هل في أحذيتكَ حذاء مخروق ؟
وهل في ثيابك ثوبٌ ( مرقوع ) ؟
يا شيخ : فوق تلك الرّابية المُواجهة لقريتنا سبعة قصور لأبنائك! تأتي بسيارتك الفارهة ونحن لا نملك ثمن عجلة من عجلاتها؟
يا شيخ ..نحنُ ننتظر المواسم كي نأكل اللّحم مرة في السنة! وأنتُم كلّ وجبة كل يوم لا تأكلون سوى اطيب لحم الضَّأن !
إنَّ ما أرتديه الآن من ثيابي الرثة من ثيابي هي من الزبالة وحذائي المخروق من بواب قصرك ! تفرضون علينا (خمس) وزكاة لتتمتعوا بها ونحن نتضور جوعا وألما وحزنا ولوعة من ضيق ذات اليد لعدم قدرتنا على توفير معشة عوئلنا ؟
لماذا علي أن أبكي على رجل مات منذ قرون خلت قبل 1400 عام لست معنيا به، على خلاف على سلطة الولاية ، ولا ابكي على صغاري الذي يبكون لأنهم جوعى وانا عاجز عن تأمين الحليب والطعام والثياب لهم ولا استطيع ان اسعف ولدي الذي اصيب بفقر الدم من سبب الجوع وسوء التغذية!
ياشيخ ..كنت بالأمس تصلي الى جانب الزعيم وتتزلف له وتدافع عنه وتمدحه على نعمة الأمن والعدالة والرخاء والازدهار ، وانت تعرف انه هو و(زعرانه )…قد نهبوا البلد واوصلونا الى مانحن عليه.
نعم نعم ..ياسيد قُلْتُ لكم هناك مُصيبةٌ أكبر وأعظم من تلك التي نتباكى عليها في الماضي ؟
هي فيكم وبِكم وبأمثالكم يا شيخنا الجليل !
والسلام على من اتبع الهدى !!

كاتب سعودي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى