الهولوكوست: الجريمة البشعة التي صمت عنها العالم
"ان كانت لديك ذرة من ضمير فلا بد ان تدينها"
الهولوكوست: الجريمة البشعة التي صمت عنها العالم
“ان كانت لديك ذرة من ضمير فلا بد ان تدينها:
د. محمد بن أحمد المرواني
الهولوكوست، التي تعني في اللغة اللاتينية “محرقة الكل” (Holocaustus)، هي واحدة من أفظع الجرائم التي ارتكبها البشر في تاريخهم الحديث. كلمة “هولوكوست” تُترجم إلى اللغة العربية بـ”المحرقة”، وتشير إلى القتل الجماعي الذي نفذته الفاشية خلال الحرب .
الفاشية، بطبيعتها، هي حركة ذات نزعة قومية متعصبة وعنصرية تستند إلى تمييز عرقي متطرف.
تعريف الفاشية
الفاشية هي نزعة قومية متطرفة تهدف إلى تعزيز هوية قومية ضيقة تستند إلى العرق والدين والثقافة. تتسم الفاشية بالتعصب والعداء تجاه الأجناس والأديان الأخرى، وهي تسعى إلى تحقيق هيمنة عرقية مطلقة من خلال وسائل عنيفة وقمعية. الفاشيون يؤمنون بتفوق عرقهم ويسعون لإقصاء وتدمير من يعتبرونهم أقل شأناً.
مراكز القتل الفاشية
ارتكب الفاشيون العديد من الجرائم البشعة خلال الهولوكوست، حيث تم إنشاء مراكز قتل أو ما يسمى بمراكز الإيواء لجمع الضحايا وقتلهم بطرق مروعة. هذه المراكز، التي كانت مواقع لتعذيب وقتل ملايين الأبرياء، من بينهم نساء و اطفال و شيوخ، وأشخاص من ذوي الإعاقات و من كل الفئات الضعيفة الغير مقاتلة.
عمليات إطلاق النار الجماعية
بالإضافة إلى مراكز القتل، نفذ الفاشيون عمليات إطلاق نار جماعية في أماكن تجمعات بشرية كبيرة. كانوا يجمعون الناس، سواء في القرى أو المدن أو حتى في الحقول، ثم يطلقون النار عليهم بشكل جماعي. أو حتى قتلهم عند تحركاتهم أو سكنهم عشوائيا في مناطقهم و هذه العمليات كانت تُنفذ بوحشية مفرطة، حيث لم يكن يُفرق فيها بين رجل وامرأة، شاب وشيخ، أو حتى طفل.
اقتحام الأحياء السكنية
كما قام جنود الفاشية باقتحام الأحياء والمناطق السكنية، حيث كان السكان يعرفون بعضهم البعض ويعيشون حياة عادية. كانت هذه الاقتحامات تأتي بشكل مفاجئ وتؤدي إلى قتل عدد كبير من السكان في منازلهم أو شوارع أحيائهم. هذا النوع من القتل كان يهدف إلى نشر الرعب وإظهار القوة المطلقة للفاشية، مما أدى إلى تدمير النسيج الاجتماعي لتلك المجتمعات.
الهولوكوست تمثل واحدة من أحلك فصول التاريخ البشري، انها تظهر مدى القدرة البشرية على القسوة والتعصب. صمت العالم عن هذه الجريمة لفترة طويلة يعكس التواطؤ والخوف من مواجهة الحقائق المريرة. من الضروري أن نعيش هذه الأحداث في ضمائرنا باستمرار وأن نتعلم منها، لكي لا نسمح لهذه الفظائع أن تكون جزأ من الحاضر او المستقبل. استحقار و تذكر الهولوكوست هو واجب أخلاقي تجاه الضحايا وتجاه الإنسانية ككل
.سلاح الجوع والمرض: أدوات الفاشيين في تدمير الأبرياء
خلال فترة هولوكوست الفاشيين، لم تقتصر أساليب القتل والتنكيل على العنف المباشر والإعدامات الجماعية، بل امتدت لتشمل وسائل أكثر قسوة وخبثاً، مثل استخدام الجوع والمرض كأدوات لتصفية اعدائهم الأبرياء. في هذا السياق، لجأ الفاشيون إلى قطع جميع إمدادات الطعام والماء عن ضحاياهم، مما أدى إلى مجاعة شديدة أودت بحياة العديد من الأشخاص وأضعفت الآخرين بشكل كبير.
سلاح الجوع
اعتمد الفاشيون على الجوع كوسيلة فعالة لإضعاف خصومهم الأبرياء. من خلال قطع جميع إمدادات الطعام والماء، تعرض الضحايا لمجاعة قاسية.
نقص الغذاء أدى إلى نحف شديد وضعف عام بين السكان، مما جعلهم غير قادرين على المقاومة أو الهروب. كانت هذه السياسة تهدف إلى تدمير القدرة النفسية والجسدية للضحايا، مما أدى إلى وفاة العديد منهم بسبب الجوع.
الحرمان من الرعاية الصحية
إلى جانب الجوع، استخدم الفاشيون سلاح المرض بإتقان. منعوا الرعاية الصحية وحرمان الضحايا من جميع وسائل العلاج الضرورية. هذا الحرمان أدى إلى تفشي الأمراض بشكل سريع، حيث لم يكن هناك أي وسيلة لاحتواء الأمراض أو علاج المصابين. أصحاب الأمراض المزمنة كانوا أكثر المتضررين، حيث لم يتمكنوا من الحصول على الأدوية اللازمة، مما أدى إلى وفاتهم. الأطفال كانوا أيضاً ضحايا لهذه السياسة القاسية، حيث حُرموا من الرعاية الطبية اللازمة، مما أدى إلى وفاة الكثير منهم.
الوعد بالأمن والترحيل القسري
لم يكتف الفاشيون بذلك، بل استخدموا وعوداً كاذبة بالأمن لإغراء الضحايا بالانتقال من مناطقهم. كانوا يطلقون وعوداً بأن الرحيل إلى أماكن أخرى سيكون آمناً، ولكن في الواقع، كان ذلك جزءاً من استراتيجية لتفريق الضحايا وسلبهم أي أمل بالنجاة. غالبية الضحايا فقدوا الأمل وعانوا من اليأس، حيث لم تعد هناك أسرة إلا وخسرت العديد من أفرادها. هذه السياسات القاسية تسببت في دمار نفسي وجسدي للسكان الأبرياء، وأدت إلى تفكك المجتمع بأسره.
ان سياسات الجوع والمرض التي استخدمها الفاشيون من أبشع الأساليب التي استخدمت لإبادة الأبرياء وتدمير المجتمع. هذه الأدوات البشعة لم تترك أسرة واحدة إلا وفقدت العديد من أفرادها، مما يعكس مدى الوحشية التي انتهجها الفاشيون في تحقيق أهدافهم القومية المتطرفة. استحضارنا لهذه الفظائع يساعدنا في فهم أهمية الوقوف ضد كل أشكال العنف والتعصب.
الفاشية وأساليب الخداع والتضليل الإعلامي
استخدم الفاشيون أساليب متعددة لإخفاء جرائمهم البشعة وتشويه صورة ضحاياهم، من بينها الخداع والتضليل والإعلام الممنهج الكاذب. كانت آلة الإعلام الفاشية تمتلك نفوذاً واسعاً وأساليب عرض ممتدة، مما مكنها من قلب الحقائق والترويج لأكاذيب تصور الفاشيين كضحايا وتصور الضحايا الفعليين كجناة.
الخداع والتضليل الإعلامي
عمل الفاشيون على نشر الأكاذيب وتصوير الضحايا الأبرياء على أنهم “شياطين” يستحقون العقاب. استُخدمت وسائل الإعلام الممنهجة لنشر هذه الروايات الكاذبة، حيث كانت تُعرض تقارير وأخبار مزيفة تهدف إلى إقناع الجمهور بأن الفاشيين هم المدافعون عن الحق وأن الضحايا هم الجناة الحقيقيون. هذا الخداع لم يكن مقتصراً على وسائل الإعلام المحلية فقط، بل امتد إلى وسائل الإعلام الدولية.
الترويج لأكاذيب الفاشيين
كانت آلة الإعلام الفاشية تروج باستمرار لأكاذيب تصور الفاشيين كضحايا يواجهون تهديدات مستمرة من “أعداء” الأمة. هذا الترويج كان يهدف إلى كسب التعاطف والدعم الشعبي لأفعال الفاشيين الوحشية. من خلال قلب الحقائق، سعى الفاشيون إلى بناء صورة زائفة تُظهر الضحايا الحقيقيين كجناة، في محاولة لتبرير الجرائم البشعة التي ارتكبوها.
مواجهة الحقيقة في وسائل الإعلام العالمية
على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها آلة الإعلام الفاشية لقلب الحقائق، إلا أن صور الضحايا وأشلاءهم والمحارق التي حُرق فيها الناس بأساليب مختلفة والأطفال المقطعين، كانت تملأ وسائل الإعلام العالمية. لم تستطع الفاشية إخفاء حجم الجرائم والمآسي التي ارتكبتها.
وسائل الإعلام العالمية نقلت هذه الصور البشعة إلى العالم، مما كشف حقيقة الوحشية الفاشية وأثار غضب شعوب المجتمع الدولي.
ضمير العالم
رغم محاولات الفاشيين لتضليل الحقائق وتزييف الواقع، إلا أن ضمير العالم لم يقبل هذه الأكاذيب. التغطية الإعلامية العالمية والمشاهد المروعة للجرائم البشعة ضد الأبرياء أثارت ردود فعل غاضبة ودعوات للمساءلة والعدالة. كان من الواضح للجميع أن الضحايا الحقيقيين هم الأبرياء الذين تعرضوا للقتل والتنكيل بطرق وحشية لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال.
استخدام الفاشيين لأساليب الخداع والتضليل الإعلامي يعكس مدى قسوة ووحشية نظامهم. رغم محاولاتهم لتزييف الحقائق وتشويه صورة ضحاياهم، إلا أن الحقائق البشعة لجرائمهم ظهرت بوضوح أمام العالم. يجب أن نرفض هذه الممارسات المظلمة من الحياة البشرية ونحافظ على ضميرنا العالمي حيّاً، لمواجهة أي محاولات لتبرير الجرائم ضد الإنسانية.
محرقة الشعب الفلسطيني الاعزل في غزة: الجريمة الأعظم في التاريخ المعاصر
و نحن في العصر الحديث، و في يومنا هذا ، لا تزال الإنسانية تشهد فصولاً مظلمة من الجرائم التي تروع الضمير الشعبي العالمي. إعتم هذه الفصول هو ما يمكن وصفه بالجريمة الأعظم في التاريخ المعاصر، حيث نفذت الفاشية الصهيونية هجوماً ساحقاً بأقوى وأعتى أسلحة الحرب على أكثر مناطق العالم اكتظاظاً بالسكان: قطاع غزة.
الهولوكوست التي أتحدث عنها هنا هي محرقة الشعب الفلسطيني في غزة، والتي ارتكبتها الفاشية الصهيونية تحت دعوى الدفاع و انطلاقا من مبدأ الصهيونية المتمثل في التفوق العرقي اليهودي وحقهم في الحياة دون غيرهم.
هولوكوست ” محرقة ” غزة
هولوكوست غزة، التي أدت حتى الآن إلى زهاء الأربعين ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال والأبرياء العزل، تعكس وحشية لا يمكن تصورها.
هذه الأرقام المفجعة ليست مجرد إحصاءات، بل هي قصص حياة دُمرت، وعائلات تشتت، وآلام لا يمكن أن تمحى من ذاكرة التاريخ الانساني.
الهجمات الصهيونية على غزة استهدفت بشكل ممنهج الأبرياء، حيث تم تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس، و مراكز الايواء و مباني و مؤسسات الامم المتحدة ، كما تم قتل و حرق المدنين الابرياء العزل بالقنابل العملاقة في الاماكن الامنة و كل ذلك كان في اطار محاولة لإبادة جماعية وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني و انهاء حقه في الحياة و في تقرير المصير .
التشابه مع الهولوكوست الأولى
المفارقة المؤلمة في هذه المذبحة أنها تشبه إلى حد كبير ما قام به هتلر مع الشعب اليهودي أثناء الحرب العالمية الثانية.
التاريخ يكرر نفسه بشكل مأساوي، ولكن هذه المرة الضحية السابقة أصبحت الجلاد. الهولوكوست الأولى، التي ارتكبت ضد اليهود، كانت واحدة من أفظع الجرائم في التاريخ، ولكن العالم اليوم يشهد تكراراً لهذه الفظائع ضد الشعب الفلسطيني. هذه المرة، القتلة هم من كانوا ضحايا في الماضي، مما يجعل الجريمة أشد بشاعة وألماً.
صمت العالم
العالم، الذي بكى وتألم كثيراً على الهولوكوست الأولى، يقف الآن في صمت مخزٍ أمام الهولوكوست الثانية. التواطؤ الدولي والصمت العالمي يجعلنا نشعر وكأن العالم أصيب بالعمى والصمم، غير قادر على رؤية الحقائق المروعة أو سماع صرخات الضحايا.
هذا الصمت يعكس تواطؤاً واضحاً، حيث يتجنب المجتمع الدولي اتخاذ موقف حاسم لوقف هذه الجرائم المستمرة ضد الإنسانية.
تأنيب الضمير العالمي
هل سيدفع العالم تأنيب ضمير كبير وثمن غالياً بعد عدة سنين، كما يدفعه الآن مقابل الهولوكوست الأولى؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه كل ضمير حي.
السكوت عن هذه الجرائم سيظل وصمة عار في تاريخ البشرية، وسيتحمل العالم كله مسؤولية هذا الصمت والتواطؤ.
الهولوكوست الثانية أشد بشاعة من الأولى، ليس فقط لأنها تمثل إبادة جماعية جديدة، ولكن لأنها تُرتكب بيد من كانوا ضحايا للمحرقة الأولى.
الخاتمة
محرقة الشعب الفلسطيني في غزة هي الجريمة الأعظم في التاريخ المعاصر للبشرية. الصمت العالمي والتواطؤ الدولي يزيدان من وحشية هذه الجريمة، ويجعلان من الضروري أن نتخذ موقفاً حازماً لإيقاف هذه الهولوكوست الشنيعة.
كما يجب على شعوب العالم أن تكون مستعدة للدفاع عن الإنسانية وحقوق الأبرياء. يجب أن نتعلم من التاريخ وألا نسمح بتكرار مثل هذه الفظائع مرة أخرى، مهما كانت الظروف.
الإنسانية جمعاء مطالبة بالوقوف ضد هذه الجرائم وضمان العدالة للضحايا و اخذ حقوق الضحايا من الجلادين و محاكمت الجلادين على جرائمهم .
طبعا كل ذلك يجب أن يتم و لكن الاولوية الأولى لإيقاف الهولوكوست الصهيوني الفاشي الذي يحدث الآن بينما انت تقرأ هذه المقالة.