مقالات كل العرب

الحبيب الأول: رحلة عبر أزمنة الحب

شارك

الحبيب الأول: رحلة عبر أزمنة الحب

د. محمد بن أحمد المرواني

الحب، تلك المشاعر الرقيقة التي تنبض في قلوبنا، هو السر الذي يضفي على الحياة جمالاً وسحراً. إنه النور الذي ينير دروبنا، والدفء الذي يغمر أرواحنا. في كل مرحلة من مراحل حياتنا، نختبر أنواعاً مختلفة من الحب، ولكل منها نكهته الخاصة التي تترك بصمتها العميقة في نفوسنا. في هذه الرحلة الساحرة، نتساءل: من هو الحبيب الأول الذي يظل دائماً في قلب المحب، مهما تعاقبت الأيام وتغيرت الظروف؟

الحب في الطفولة: براءة الأحاسيس

في مرحلة الطفولة، يكون الحب نقياً وبريئاً، حيث ينبع من قلب لم يتعرف بعد على تعقيدات الحياة. إنه حب يتجسد في نظرات العيون البريئة وابتسامات الشفاه الصادقة. يقول الشاعر في وصف الحب الطفولي: “قلبي صغير وعقلي لا يعقل، من أحببتُ؟ في العمر لم يُسجل”. هذا الحب يكون أشبه بنسمة رقيقة تهب على أرواحنا، تملؤها بالدفء والحنان، وتترك فيها ذكرى لا تُنسى.

الحب في الصبا: بداية الوعي والشغف

ثم تأتي مرحلة الصبا، حيث تبدأ مشاعر الحب بالتشكل، ويزداد وعينا بالعالم من حولنا. في هذه المرحلة، يكون الحب مليئاً بالشغف والحنين، نكتشف فيه أولى خفقات القلب. يقول الشاعر: “كنا صغاراً حين التقى القلب بالقلب، ولم نكن ندري ما يُخبئه القدر”. هذا الحب يكون مفعماً بالأمل والتطلع، ونعيش فيه أحلامنا الجميلة بألوان زاهية.

الحب في الشباب: انغماس العاطفة وسحرها

عندما نصل إلى مرحلة الشباب، يصبح الحب أكثر نضجاً وعمقاً. هنا، نختبر الشغف بأكمله، ونغوص في أعماق العاطفة بكل تفاصيلها. الحب في هذه الفترة يكون أشبه بأمواج البحر، يعصف بنا، يحرك مشاعرنا، ويأخذنا إلى عوالم لا نعرفها. يقول الشاعر: “يا ليل كف عن الملام، قلبي بمن أحب هام”. هذا الحب يكون عاصفاً، لكنه يظل أجمل تجربة نعيشها، نكتشف فيها أعماق قلوبنا ونختبر فيها حقيقة مشاعرنا.

الحب في النضوج: حكمة الاختيار وواقعية العاطفة

في مرحلة النضوج، يصبح الحب أكثر واقعية وعقلانية. نكون قد مررنا بتجارب عديدة، تعلمنا منها الكثير، وأصبحنا نميز بين الحب الحقيقي والمشاعر العابرة. هذا الحب يكون مبنياً على التفاهم والاحترام المتبادل. يقول الشاعر: “لما التقينا كان قلبي يزدهر، نضج الهوى في روحي واستقر”. إنه حب ينظر إلى المستقبل بعين الحكمة، ويسعى لبناء حياة مشتركة قائمة على الصدق والأمانة.

الحب في الكبر: الأمان والاستقرار

مع مرور السنين، يتحول الحب إلى مرفأ هادئ نلجأ إليه بحثاً عن الأمان والاستقرار. في هذه المرحلة، يكون الحب متوجاً بالوفاء والاحترام. يقول الشاعر: “بعد السنين والبعاد، قلبي لك يا حبيبي عاد”. إنه حب ناضج، يُدرك أهمية الشريك في الحياة، ويقدّر كل لحظة معه.

الحبيب الأول: ملك القلب والروح

مما لا شك فيه ان الانسان كائن متطور و متقلب ، يتغير مع تغير ظروفه و مع تغير الزمان و المكان و تتغير كذلك مفاهيمه و عواطفه في مراحله السنية المختلفة ، مما يجعله مخلوقا معقدا يصعب فهمه بالمجمل الزمني الموحد ،
و لكن رغم كل ذلك و في نهاية هذه الرحلة، نقف أمام الحبيب الأول فمن هو الحبيب الأول و الجواب في اعتقادي و بكل بساطة إنه
الحبيب الأول مكانة و قدرا و عشقا و هياما ، أي أنه الذي يمتلك القلب و الجوارح و ان مرت عليه عواصف من العاطفة الموسمية او الغرائزية او العابرة ، إنه الحب الثابت في قلوبنا الان . بغض النظر عن الزمان الذي اتى به و حكم و سيطر ، ان كان صبا او شبابا او نضجا او حتى حبا في خريف العمر .
. إنه الحبيب الذي يملك القلب بكل مشاعره، ويمتلك الروح بكل عمقها. هو من تسكن ذكراه في أعماقنا، ويظل الحب له خالداً لانه نقش حبه بازميل المشاعر الصادقة على صخور القلب الوفية نقشا لا تزيله تقلبات المشاعر.
هذا الحب يتجاوز حدود الزمان والمكان، ويظل له سحره الخاص.
و هنا فقط و لهذا الحب الاول مكانة و قدرا ارى قول الشاعر متجليا ثابتا راسخا في قوله
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب الا للحبيب الاول
و كم من منزل يسكنه الفتى
و حنينه يبقى لاول منزل.
فإن لم يكن الحبيب الأول هو منزل الروح فما هو المنزل اذا ،
إنه الحبيب الأول قدرا و مكانة و المنزل و المنتهى الذي تؤول له الروح.

الحبيب الأول قد لا يكون الأول زماناً، لكنه الأول مكانةً في القلب. إنه الحب الذي يجمع بين الرومانسية و العنفوان، بين الشغف والهدوء، بين الأحلام والواقع و وافق ذلك العقل و الحكمة . هو الحب الذي يُخلد في الذاكرة، ويظل حياً في القلب، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الظروف. إنه الحبيب الذي يجعلنا نؤمن بأن الحب الحقيقي لا يموت، بل يبقى دائماً ينبض في قلوبنا، يشع دفئه على حياتنا، ويضفي عليها معاني جميلة ورائعة من السعادة و الامل. و يشعرنا بالسرور و الرضى حتى في أحلك الأوقات، إنه الحبيب الأول الذي تذيب ابتسامته كل صعائب الحياة ،
بل إنه هو الحياة
فتحية مني لكل حب اول أحيا كل قلب احتواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى