مواضيع منوعة

الانتخابات الرئاسية الجزائرية: عهدة ثانية للرئيس عبد المجيد تبون محصنةً بالشرعية الشعبية

شارك

الانتخابات الرئاسية الجزائرية:

عهدة ثانية للرئيس عبد المجيد تبون محصنةً بالشرعية الشعبية

أ.ليلى قيري

الكل يعلم أن الجزائر كانت محط أنظار العالم بأسره؛ بفضل الحراك السلمي الذي عاشته في الثاني والعشرين من فبراير/ شباط 2019، بعد خروج المواطنين في الشوارع وفي كل المدن الجزائرية؛ للوقوف في وجه مشروع الولاية الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والمطالبة بمزيدٍ من الديمقراطية في إدارة شؤون البلاد، وتغيير النظام الذي كان آنذاك ورؤوسه التي كانت تُسيِّر البلاد، وبالفعل نجح هذا الحراك التاريخي في الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل/ نيسان من العام نفسه، بعد أن قضى حوالي عشرين عاماً في منصبه.

وعلى عكس الكثير من الاحتجاجات في العالم العربي، لم يهدأ حراك الجزائر بتنحية الرئيس السابق المتوفي، بل استمر لشهور طويلة في مطالبه بالتغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وبفضل هذا الحراك الذي كان بمثابة المحرك الرئيسي في تغيير مجرى الحياة السياسية، خاصةً التي كانت تعيشها الجزائر منذ حقبة زمنية طويلة كان يسودها الفساد بفضل عصابة كبيرة كانت تنخر اقتصاد البلاد من أجل مصالحها الخاصة، يوجد اليوم عدداً كبيراً من المسؤولين وراء القضبان من أجل التكفير عن كل الجرائم التي ارتكبت في حق المواطن الجزائري، ولم يكن المواطن الجزائري وحده في الشارع، بل كان مدعوماً من طرف الجيش الشعبي الذي كان من بين العوامل الرئيسية التي جعلته يستمر بفضل الدعم الكبير له، حيث ساهم في ضمان السلم وسلمية الحراك من خلال تعهد قيادته آنذاك بمرافقة هذا الحراك، الأمر الذي أدى إلى عدم تسجيل انحرافات أو إراقة أي قطرة دم، وهو شيء جديد لم تعرفه أي دولة أو شعب آخر.

وكانت السنوات الأربع للرئيس عبد المجيد تبون، بعد أن تم اختياره في انتخابات ديسمبر 2019 محصنةً بالشرعية الشعبية، وذلك عقب التحاق مجموعة من الجمعيات والأحزاب السياسية الموالية لبوتفليقة، وإعلانها دعمها السياسي له كمرشح لرئاسة الجزائر، وهو ما جعل معالم الجزائر الجديدة تتضح بعد وصوله إلى سدة الحكم.

للإشارة، الجيش الشعبي الوطني، أكد وقتها أن الرئيس تبون وصل إلى منصب رئيس الجمهورية عن طريق انتخابات رئاسية حرة ونزيهة لا غبار عليها، كانت دليلاً على أن الجزائر منذ توليه الحكم دخلت مرحلةً جديدة وضعت خلالها حداً نهائياً لممارسات سلبية استهدفت الدولة في العمق، بعد أن فاز رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، عبد المجيد تبون، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر 2019، بعد حصوله على أكثر من 58% من إجمالي أصوات الناخبين، ليصبح بذلك الرئيس الثامن للبلاد.

وحسب المحللين السياسيين، كل هذه التغييرات التي عاشتها الجزائر منذ انطلاق الحراك وانتخاب تبون، كانت بمثابة اختبار نجح فيه الرئيس في إصلاح وإعادة ترميم الاهتزازات الخطيرة التي عاشتها الدولة الجزائرية على الصعيد الداخلي والخارجي، والتي انعكست بشكلٍ مباشر على الوضع في الجزائر، على غرار الوضع الصحي الذي عرفه العالم جراء أزمة كورونا، وكذا الأزمات والتطورات الجيوسياسية، كالأزمة الأوكرانية، وموجة تطبيع بعض الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني، والكثير من الاستفزازات التي تسببت فيها بعض الأطراف التي أصبح يزعجها عودة الجزائر إلى الساحة الدولية، واسترجاع مكانتها الطبيعية كقوة إقليمية.

ثقة الشعب الجزائري في رئيسه الذي تقدم لعهدة ثانية برفقة مرشحين آخرين جعلته يجدد التصويت لصالحه؛ من أجل انتخابه رئيساً للجمهورية لعهدة جديدة في الرئاسيات التي جرت في السابع من سبتمبر/ أيلول 2024 بنسبة 84,30 بالمئة، حسب النتائج النهائية التي أعلنتها المحكمة الدستورية في البلاد، وبعد التراجع بنحو 10 نقاط عن النتائج الأولية التي أعلنتها السلطة الوطنية للانتخابات، بسبب الطعون المقدمة من طرف كل من حساني شريف علي من حزب حركة مجتمع السلم المنافس الأول، وكذا يوسف أوشيش من حزب جبهة القوى الاشتراكية المترشح الثاني.

بهذا الاختيار يكون الرئيس الجزائري المنتخب قد حاز على ثقة الشعب الجزائري، من أجل استكمال مسار الإصلاحات والتنمية الشاملة التي تعرفها البلاد.

ومن أهم الأسباب التي رجحت كفة رئيس الجمهورية المنتخب في هذا الاستحقاق الرئاسي أن برنامجه الانتخابي لم يكن مجرد وعود انتخابية، بل كان عبارة عن مشاريع استراتيجية وتنموية دخل أغلبها مرحلة التجسيد، علاوةً على أنه استعمل في خطاباته خلال الحملة الانتخابية أسلوب التأكيد، وتحدث بلغة الأرقام التي تجسد تحكمه في تسيير شؤون البلاد.

ويأمل الشعب الجزائري أن يوفي الرئيس تبون الذي دخل معترك الانتخابات بدعم من عدة أحزاب سياسية، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بالعهد الذي قطعه على نفسه مع الشعب الجزائري، لاستكمال مسيرة الإصلاحات والتنمية الاقتصادية الشاملة، وبناء الديمقراطية، وتحسين القدرة الشرائية، ومحاربة التضخم، ورفع قيمة العملة الوطنية، وتطوير قطاع الفلاحة، والتركيز على تحقيق الاستقرار الأمني والمؤسساتي والتشريعي وغيرها من المشاريع الإصلاحية.

 

 

صحفية من الجزائر

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى