ما بين دعاة السلم و دعاة الحرب؟
ما بين دعاة السلم و دعاة الحرب؟
د.علي عبدالقادر
ظللت ككثيرين غيري من السودانيين نندد بالحرب منذ العام 1993م ، مبينين ان الحرب شر كلھا وعاقبتھا كوارث متعاقبة وسقوط الالاف من القتلى والالاف المؤلفة من الضحايا.
ومن بين مقالاتي الاخيرة المنشورة جاء مقال “إيقاف الحرب أولى من إعمار الخرطوم”، و “ھدف الحرب تفكيك السودان وانفصال دارفور”، و “إيقاف الحرب او دويلات السودان المريضة”!!!
ومقالاتي تلك تجيء ضمن مشروعي التفاؤلي الذي يستوجب عمليا قفل ابواب الشر؛ نعم انا إنسان متفائل و لم اكن يوما متشائما، ومن ذلك انني كنت ولازلت من المؤمنيين بإمكانية عودة جنوب السودان لحضن الوطن الام.
لكن ما أفرزتھ سنوات حكم الانقاذ العجاف من تشويھ لعقلية كثير من المواطنيين وادخال روح الكراھية و العداء بين القبائل والاثنيات المتنوعة في السودان استغلالا للثقافات والديانات واللھجات المتعددة هو ما يشعر بالخطر القادم؟
وكانت ذروة ذلك التشويه للنفس السودانية هي حرب الجنوب بدعوى أنھا حرب دينية وجھاد ضد غير المسلمين!!! مما ادى لموت وتشريد الملايين من السودانيين ثم انتھى الأمر بتفاوض وانفصال جنوب السودان كدولة جديدة. وتكرر الامر بصور جديدة في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور وأدى لموت وتشرد الملايين من الشعب السوداني!!!
كان من الطبيعي ان تتمدد تلك الحروب التي تمت في أطراف السودان المترامية، وتنتقل الحرب او بعض صورھا الى العاصمة الخرطوم وبقية مدن السودان الأخرى الداخلية. وھو ما يعيشھ السودانيين اليوم ومتذ قرابة السنتين من سقوط يومي لقتلى جدد مع تشريد ونزوح مستمر لألاف الاسر، بجانب دمار وخراب يومي يتمدد ببطء ليحصد ما تبقى من الارواح والنفوس ويحرق ما تبقى من عمران.
كما قدمت اعلاھ، كنت ومعي اخرين منذ العام 1993م وحتى اليوم نرفض جملة وتفصيلا اي اسباب قد تؤدي الى الحرب داخل السودان ، في حين كان ھناك اخرون في نفس الوقت “يتعامون” ان لم نقل يشجعون كل الاسباب التي قد تؤدي الى الحرب الداخلية؛ لانهم لا يؤمنون بما يسمى بالوطن بالحدود الجغرافية، ويحلمون بإيجاد وطن بحدود ايدلوجية يجمعهم و من يوافقهم الأفكار والايدلوحية، كما يؤمنون بأن وطنهم المنشود لن يتحقق الا من خلال تسلطهم على الحكم و بقاءھم في السلطة في الوطن ذو الحدود الجغرافية، وان كان الثمن ھو اشتعال الحرب وتمزق ذلك الوطن!!!
لا زلت واخرين كثيرين نرفض الحرب الداخلية بين أبناء الوطن الواحد لاي أسباب كانت دينية اوثقافية او اثنية او جهوية او غيرها من الأسباب، لان الحرب شر كلها والشر يتمدد مع مرور الايام و في نهاية الامر يحرق من أشعل الحرب نفسه، لان النار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله!!!
لذلك اذكر دعاة الحرب بالمثل السوداني “يا حافر حفرة السؤ وسع مراقدك فيها” ، نعم ، إن عاقبة هذه الحروب ستطالھم يوما ما في أنفسهم وأسرهم وأموالهم ؛ وفي أحسن الظروف لن يجدوا بقايا وطن يمارسون فيه مبتغاهم بالدعوة للحرب!!!
عودة على بدء تدفعني الروح الإيجابية لمواصلة الدعوة لايقاف الحروب من خلال نشر ھذا المقال كإمتداد لمقالاتي السابقة ومنھا “دعوة لإطفاء نار الفتنة القبلية وعدم تفكيك السودان” ، و”دعوة للمصالحة الوطنية في السودان”، و “المصالحة الوطنية هي المانع للحرب الاهلية وتفكك السودان لدويلات”، و”الوحدة الوطنية هي الخيار الوحيد لبقاء السودان”.