القضية الفلسطينية في السباق الانتخابي الى البيت الأبيض
القضية الفلسطينية في السباق الانتخابي الى البيت الابيض
د. رمزي عودة
لا تحظى القضايا الدولية والسياسات الخارجية بأهمية كبيرة في أي انتخابات أمريكية، وقد أشارت استطلاعات الرأي الى أن 90% من الناخبين الأمريكيين سيصوتون لإعتبارات الاقتصاد والبطالة. وفي هذه الانتخابات سيتم طرح قضايا جديدة ولكنها مهمة في اتجاهات التصويت مثل الحرية في تغيير الجنس للأطفال دون سن 18، وهو برنامج تبنته المرشحة الديمقراطية كاملا هاريس في برنامجها الانتخابي. وفيما عدا القضايا الداخلية لم تطرح كاميلا هاريس أي برنامج سياسي مخصص لحل القضية الفلسطينية ووقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. الا أن بعض الاشارات الهامة حول لقاءاتها الانتخابية تتضمنت وصفها لما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية، وأنه يجب العمل على وقف الحرب. بالمقابل، فإن الناخب الأمريكي يدرك بأن الادارة الديمقراطية الحالية والتي احتلت فيها هاريس نائب الرئيس، أخلفت جميع وعودها بإعادة العلاقات الطبيعية مع السلطة الوطنية الفلسطينية والتي تشوهت بفعل فترة إدارة ترامب. كما أن هذه الادارة لم تنجح بوقف العدوان الاسرائيلي وفرض حلول لوقف إطلاق النار، بل على العكس قامت بتصدير الأسلحة الفتاكة لإسرائيل بمليارات الدولارات. ولم تتلقى المنطقة العربية المشتعلة بفعل العدوان على غزة والضفة الغربية ولبنان سوى 12 زيارة من قبل وزير الخارجية الأمريكية بلينكن لحث الأطراف على التوصل لأي اتفاق سياسي، إضافةً طبعاً الى عبارات القلق والتعاطف التي تصدرت بيانات الإدارة الأمريكية تجاه الصراع في المنطقة!
بالمقابل، فإن المرشح الجمهوري ترامب الذي يحاول دائماً الظهور بمظهر المرشح القوي والقادر على إعادة قوة الولايات المتحدة، لم يعلن عن برنامج واضح لحل الأزمات والصراعات في الشرق الاوسط، بل إنه اكتفى بقوله بأنه لو كان رئيساً للولايات المتحدة لم تحدث الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وفي نفس الإطار، غازل ترامب العرب بأنه سيوقف الحرب في المنطقة وبأنه لن يسمح بالحرية بتغيير جنس الاطفال. ومع ذلك، فإن خبرة القيادة الفلسطينية بقيادة ترامب في فترته الانتخابية الأولى 2017-2021، لا تبشر بخير أبداً، فهو أطلق ما أسماه “صفقة القرن” والتي رفضها الفلسطينيون واعتبروها تصفية للقضية الفلسطينية، كما أنه نقل السفارة الأمريكية الى القدس، وأوقف المساعدات عن السلطة الوطنية، وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع تمويل الأونروا، واعترف بضم اسرائيل للجولان المحتل.
من الواضح أن القضية الفلسطينية ستكون بمثابة الحاضر الغائب في الانتخابات الأمريكية. فهي حاضرة في بعض التصريحات الانتخابية المبهمة والتي تستميل الاصوات العربية، كما أنها في نفس الوقت غائبة لكون كلا المرشحين لم يقدما أية حلول سلمية واضحة للقضية الفلسطينية ولوقف العدوان الاسرائيلي. وفي النتيجة، فإن المفاضلة عربياً وفلسطينياً ستكون بين سياسة ديمقراطية مرنة وغير فعالة في فرض تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وبين سياسة جمهورية قوية تستطيع وقف العدوان الاسرائيلي وفرض تسوية سياسية ولكنها حتماً لن تكون لصالح الشعب الفلسطيني. وبالتأكيد، فإن هذه المفاضلة لن تشتمل على المقارنة لمؤشر الانحياز لاسرائيل، فكلا المرشحين منحازين لاسرائيل بشكل مطلق!