لمصلحة من شيطنة النظام الجديد في سوريا؟
لمصلحة من شيطنة النظام الجديد في سوريا؟
أ. د. عبدالرزاق محمد الدليمي
منذ سقوط بشار الأسد ونظامه ، مازالت وستبقى البلاد ساحة معركة لمجموعة من الجهات الفاعلة التي تسعى إلى تأمين مصالحها ومع تولي “هيئة تحرير الشام” القيادة الفعلية، يتعرض النظام الجديد وقيادته للهجوم من قبل اطراف وجهات ومنها دول مجاورة كالعراق، تظل سوريا مسرحا مرشحا للقتال الداخلي بين الجماعات ذات المصالح المتعارضة و يبدو أن بعض اللاعبين يسعون إلى استغلال هذا الوضع في البلاد، لاستخدام تضاريس ما بعد مرحلة الأسد لتوسيع السيطرة أو القضاء على الأعداء .وعلى سبيل المثال لا الحصرتسعى تركيا إلى القضاء على المتمردين الأكراد، وضربت (إسرائيل) بقايا ما كان يمتلكها الجيش السوري ووسعت سيطرتها الإقليمية داخل الاراضي السورية، بينما كثفت الولايات المتحدة ضرباتها على مايقال انه بقايا تنظيم “داعش” كما نقلت السفن الحربية إلى المنطقة اضافة الى تعزيز وجود قواتها البرية داخل العراق وعلى حدوده المتاخمة لسوريا في خطوات يعتقد انها مقدمات لاستهداف المليشيات الايرانية التي تهيمن على النظام في العراق والتي تستمر هذه المليشيات في استهداف المصالح الامريكية والكيان الصهيوني بين حين واخر بعمليات غير فعالة.
واضح إن معاداة الثورة السورية ومحاولات شيطنتها هي مسألة معقدة ومتعددة الأبعاد، وتتراوح أسبابها بين السياسية والإيديولوجية والاقتصادية. هناك عدة عوامل تساهم في معارضة الثورة السورية، وتختلف هذه الأسباب من دولة إلى أخرى ومن جهة إلى أخرى. يمكن تلخيص بعض الأسباب الرئيسية في النقاط التالية:
1. الاعتبارات السياسية والدولية:
• حماية الأنظمة الحاكمة: الثورة السورية كانت تهدد الأنظمة الحاكمة في دول معينة في المنطقة، مثل النظام السوري نفسه الذي كان يعتبر ركيزة هامة في توازن القوى في الشرق الأوسط، خاصة بالنسبة لإيران وحزب الله. لذلك، كانت هناك مقاومة قوية للثورة من قبل هذه الأطراف للحفاظ على استقرار هذه الأنظمة.
• الصراع الإقليمي: الصراع في سوريا تحول إلى صراع إقليمي بين قوى مؤيدة للنظام السوري مثل إيران وروسيا، وقوى داعمة للمعارضة مثل تركيا ودول الخليج. هذا أدى إلى تداعيات كبيرة على المستوى الإقليمي وأدى إلى موقف معادي للثورة من جانب بعض الدول التي ترى أن إطاحة النظام السوري ستهدد مصالحها الإستراتيجية.
2. النفوذ الفارسي الصفوي الإيراني والروسي:
• إيران وروسيا: تُعتبر إيران وروسيا من الداعمين الرئيسيين للنظام السوري منذ بداية الثورة. دعم إيران للنظام السوري جزء من استراتيجيتها الإقليمية في المنطقة، خاصة في سياق دعم “محور المقاومة” الذي يشمل حزب الله والفصائل الشيعية. أما روسيا فدعمها للنظام كان يتعلق بالحفاظ على مصالحها العسكرية والاقتصادية في المنطقة، بما في ذلك القاعدة العسكرية البحرية في طرطوس.
3. الاعتبارات الطائفية:
• الطائفية والعرقية: سوريا تحتوي على تباينات طائفية وعرقية معقدة، حيث يوجد العديد من الأقليات مثل العلويين والمسيحيين والدروز. الثورة السورية، في بعض الأحيان، أخذت طابعًا طائفيًا أو عرقيًا في أعين بعض الأطراف، ما جعلهم يرون فيها تهديدًا لمصالح تلك الأقليات. لذلك، تم معارضة الثورة من قبل بعض الفئات التي كانت تخشى من أن النظام الجديد قد يهمش أو يضر بمصالحهم.
4. الخشية من الفوضى:
مخاوف من الانهيارلان بعض القوى التي تعارض الثورة السورية تعتقد أن الإطاحة بالنظام السوري قد تؤدي إلى فوضى شاملة في البلاد، خاصة في ظل غياب بديل سياسي موحد وقوي. التجارب السابقة في بعض الدول العربية التي شهدت ثورات (مثل العراق وليبيا) أظهرت أن الإطاحة بالأنظمة قد يؤدي إلى حالة من الفوضى السياسية والأمنية، وهو ما جعل بعض القوى تتحفظ على الثورة وتدعم بقاء النظام.
5. الاختلافات الإيديولوجية:
التوجهات الأيديولوجية لبعض القوى كون بعض القوى السياسية والاجتماعية المعارضة للثورة السورية قد تكون قد التزمت بمواقف أيديولوجية تمنع دعم الثورة. على سبيل المثال، هناك من يرى أن الثورة السورية هي جزء من مشروع غربي أو أمريكي لإضعاف دول المنطقة، ولهذا يعارضونها من منطلقات أيديولوجية أو قومية.
6. الوجود العسكري الأجنبي:
منذ بداية الثورة، شهدت سوريا تدخلات عسكرية متعددة من قوى إقليمية ودولية مثل إيران، روسيا، تركيا، والولايات المتحدة. هذه التدخلات جعلت الصراع أكثر تعقيدًا، حيث اعتبر البعض أن هذه التدخلات تعكس أطماعًا في سوريا، مما ساهم في معاداة الثورة من بعض الأطراف.
7. المصالح الاقتصادية:
بعض الأطراف الدولية والإقليمية تعارض الثورة السورية بسبب مصالحها الاقتصادية في المنطقة. على سبيل المثال، كانت سوريا تمثل نقطة رئيسية للتجارة والنفط والغاز في الشرق الأوسط، وبالتالي، قد تكون بعض القوى الدولية قد رأت في سقوط النظام تهديدًا لمصالحها الاقتصادية.
اذن معاداة الثورة السورية وشيطنتها هي نتاج مجموعة من العوامل المعقدة التي تشمل التوترات الإقليمية، الاعتبارات السياسية، الطائفية، الأيديولوجية، والمصالح الاقتصادية. التدخلات الخارجية والتدخلات الإقليمية قد عززت من هذا الموقف المعادي للثورة في محاولة لضمان تحقيق مصالح الدول والجهات المختلفة في المنطقة.