مقالات كل العرب

كيف ترى الاقتصاد في المستقبل؟

شارك

كيف ترى الاقتصاد في المستقبل؟

د. سعيد حسانين

كل أنسان منا يرى الحياة من منظوره الخاص ولعل الجميع يسأل عن حـال الأوضاع الاقتصادية فى الفترات القادمة وهل تتحسن أم لا وهـل يشعر الأنسان منا بمزيد من الرفاهية أم لا ؟ كلها تساؤلات تدور فى أذهاننا ولكن ما أردت توضيحه فى هذا المقال أن كل نهاية لابد لها من بداية فقبل السؤال عن الشعور بمزيد من الرفاهية وتحسين المستوى العام للمعيشة يجب علينا أن نسعى جاهدين لزيادة معدلات الإنتاج فلا يعُقـل أن نكون قادرين على الأصلاح ونحن ننظر للمجتمع الذى نعيش فيه من شرفات المنازل مكتوفين الأيادى موجهين لهُ سهـام الإنتقـاد والأتهام ولكن يجب علينا السعى من أجل مستقبل أفضـل .
قال تعالى : (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (سورة النجم الأية : 39 ) والسّعي هو العمل والإجتهاد فمراد الله أن نعمل سعياً لطلب الرزق والأصلاح ولا يعقل أن يحصل الإنسان على أجـر عمـل قـام به غيـره .
فكم من أيات الله عز وجـل تدعونا للسعى والأخذ بالأسباب فنجد أن سيدتنا (السيدة مريم أبنة عمران ) وهـى فى أهون حالاتها تأخذ بالأسباب فقال عزه القائل فى محكم التنزيل :
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ) (سورة مريم الأية : 25) (أراد الله أن يعلمنا أهمية الأخذ بالأسباب وعدم التواكل وهو قادر عز وجـل أن يجعل الرطب يتساقط إليهـا دون أى مجهود منها بل قادر على أشباعها بدون أى شيء ولكنه الأخذ بالأسباب والسعى لطلب الرزق مهمـا كان بك من وهـن وضعف هكذا يٌعلمنا الله عز وجل وحثنا على ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن أستطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها) حديث شريف.
فلا يقوم اقتصاد قوي إلا بسواعد إبنائه العاملين وليس الخاملين وكما قال العلماء الأوائل للاقتصاد وفى مقدمتهم رائد الفكر الكلاسيكى (أدم سميث) فى نظريته المعروفة (باليد الخفية) (The invisible hand theory). أن الإنسان وهو يسعى لتحقيق مصلحته الخاصة دون أن يشعر يسعى لتحقيق الصالح العام .
أنظر : السعى هـو بداية كل شيء فإذا أردنا مزيد من التقدم لبلادنا يجب علينا الأنخراط فى كافة مجالاتها فالأنسان هو الذى يفرض نفسه على المجتمع وليس العكس فلـن يأتى المجمتع لخدمتك وتلبية أحتياجاتك وأنت فى مكانك فيجب عليك المشاركة فى مجالاته المختلفه حتى تنعكس ثمار مشاركتك بالإيجاب على تقـدمـة .
فعلى سبيل المثال نبدأ رحلة التعليم من المرحلة الإبتدائية لمرحلة التعليم الجامعى وما بعد الجامعى ونجد أعداد كبيرة من الخريجين كل عام فى كافة التخصصات تضاف لسوق العمل ولكن من منهم يشارك فى وتيرة التنمية ومن يعـرقلها فمن أهمـل البدايات تكون النهايات حتماً غير مرضية فالنجاح والفشل بالمفهوم المتعارف عليه هو أستدراك لما أريد توضيحه لحقيقة واقع نعيشه .
تمنحنا الحياة العديد من الفرص فعلينا أستغلالها فعجلة التنمية تدفعها قوة ضخمة من أحتياجات البشر لا تجعلها تتوقف فعليك التواكب معها وتوجيهها للأفضل ولكون الموارد تزيد بمتوالية عددية والحاجات الأنسانية بمتوالية هندسية فيجب علي الأنسان التكيف مع سرعة تطورات العصر الحالى فلا مجال للتقاعص فنحن لا نعيش أجواء المنافسة الكاملة فأنظمة الأحتكار لا يسكنها الضعفاء وكفانا نظرة الساخطين الناقدين على المجتمع .
فالأنسـان هـو الذى يعرف نسب تقدمه ويحمل ترمومتر الحكم عليها وأنا لا أبيع الوهم ولا أرفع المسئولية عن الدولة ولكن واجبنا تخفيف الأعباء عليها بالعمل الجاد والمستمر .
(ملخص القول) أذا أردنا أن نعيش فى مجتمع متقدم يتمتع كل منا بمزيد من الرفاهية ورغد الحياة عليه أن يكسر حواجز الفشل والأحباط وأن يبدأ بالعمل فالبداية هى نصف الطريق .
ولـكــن إذا أردت أن تعرف مستقبل اقتصاد دولتك أنظر إلى نفسك أولاً أذا وجدت نفسك تقوم بما عليك من واجبات وتقوم بدورك على أكمل وجه سيكون مستقبل اقتصادها مطمئن وأذا كنت تقوم بدورك بنسبة (20 % ، 30% ، 50% ، 70% ، 90 % ، 100 %) تكون هذه هى نسب تقدم اقتصاد دولتك فى المستقبل حيثُ أن اقتصادات الدول يحكم على تقدمها نسبة أنجـاز العمل الحقيقى لأفـرادهـا.
فعلينا كسـر حواجز بروتوكولات البطالة السلوكية وأنتظار العمل المناسب للتعافى من فيروس البطالة وأثاره السلبية أَلا تتمنى أن يكتب أسمك بماء الذهب فى التاريخ فكم من أشخاض لا نعرف أبائهم ولا أنسابهم أعادوا هيكلة مجرى تاريخ بلادهم .
فقال عزه القائل :
(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) (المؤمنون 101 – 113)
بدأت مقالى بطرح سؤال: كيف ترى الاقتصاد فى المستقبل؟
فتوقع الجميع أن يرى عرض نسب ومؤشرات اقتصادية وفقاً للمعايير العربية والدولية نوضح بها مكانة اقتصاد دولتنا مقارنة باقتصادات الدول الأخـرى وهل من أمـل فى مستقبل مشرق أم لا !!!!
ولكـن كيف لدول تقترض لتلبية أحتياجاتها الإساسية أن تتقدم ؟ !!!
أتمنى أن نقف وقفه مع أنفسنا قبل طرح هذا السؤال ؟
لسبب بسيط وهو معرفتك الاجابة عليه مسبقاً فأنت تعلم من أنت وأين تعيش وماذا تقدم فإذا كنت تعيش فى مجتمع متقدم فهو لم يصبح متقدم إلا بما قدمت أنت فالإنسان حينما يقدم شيء فهو يعلم ما قدمه أذاً أنت تعلم الإجابة بالفعل فلماذ السؤال ؟
وأذا كنت تعيش فى مجتمع (متخلف) (نامي) فهو بما تخلفت أنت عن تقديم يد العون له وأنت أيضاً تعلم بما تخلفت حتى يصبح مجتمعك الذى تعيش فيه متخلف فأنت تعلم الإجابة أذاً فلما السـؤال ؟
أردت بمقالى وقفه مع النفس من أجلك ومن أجـل بلدنا الحبيب مصـر . خريطة مستقبلك أنت من ترسمها

الباحث والخبير الاقتصادى بكلية السياسة والاقتصـاد
جامعة السويس وعضو هيئة تدريس
وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى