مقالات كل العرب

من يستهدف النظام الجديد في سوريا و لماذا؟!

شارك

من يستهدف النظام الجديد في سوريا ولماذا؟!

أ. د.  عبدالرزاق محمد الدليمي

اثارت العمليات العسكرية الاخيرة في بعض مناطق الساحل الكثير من السجالات واللغط والتعمية والتأويلات في محاولة جديدة لشيطنة الوضع الجديد في سوريا،ورغم اننا ضد العنف غير المبرر الا اننا نجد ان اعداء وخصوم النظام الجديد المتباكين على ارواح الابرياء نسوا او تناسوا ماكان يفعله نظام الاسد بالشعب السوري طيلة 14 عاما من الجرائم التي يندى لها ضمير الانسانية…
بعد سقوط نظام بشار الأسد، اصبحت هناك العديد من القوى المحلية والإقليمية والدولية تحاول ان تستهدف النظام الجديد في سوريا، وكل بحسب مصالحه الاستراتيجية وأهدافه السياسية. والحرب المستمرة على سوريا جعلت البلاد ساحة صراع مفتوحة بين العديد من القوى، وكل منها يسعى للسيطرة على المستقبل السياسي والاقتصادي لسوريا او يعطل عملية اعادة بناؤها ومن ابرز هذه القوى المعادية :

1. الجماعات المسلحة والمعارضة السورية:
• المعارضة السياسية والعسكرية: لا تزال هناك قوى معارضة داخلية تسعى لتعطيل جهود النظام السياسي الجديد وبعض هذه القوى تشمل جماعات سياسية وأخرى تشمل بعض الفصائل المسلحة هذه الجماعات كانت تعتبر نفسها أحد الأعداء الرئيسيين للنظام السوري، وقد تستهدف الحكومة الجديدة التي تسعى لإصلاح الاوضاع في سوريا وقد تحاول هذه الجماعات إحداث اضطرابات وزعزعة الاستقرار في النظام الجديد إذا كانت تتعارض مع تطلعاتها.

2. النظام الإيراني وحلفاؤه:
• إيران: لطالما كانت إيران حليفًا رئيسيًا لبشار الأسد خلال الحرب السورية. إيران تمتلك مصالح استراتيجية كبيرة في سوريا، بما في ذلك ممرات إمداد للأسلحة والتعاون مع الميليشيات الشيعية مثل حزب الله. إيران قلقة من ألتغيير في السلطة لانه يهدد مصالحها الأمنية والاقتصادية في سوريا لاسيما وان الحكومة الجديدة التي تحكم سوريا تقوض مصالحها، لذلك فان ملالي ايران يدعمون كل الجماعات التي تسعى لزعزعة الاستقرارفي سوريا التي تواصل هذه الجماعات استخدام العنف بهدف الضغط السياسي محاولةً لضمان استمرار مصالح إيران.

3. القوى الغربية (الولايات المتحدة وحلفاؤها):
• الولايات المتحدة: على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تكن داعمة مباشرة للمعارضة السورية في السنوات الأخيرة، إلا أن لديها مصالح استراتيجية في سوريا تتعلق بمكافحة الإرهاب، وكبح النفوذ الإيراني، وحماية الحلفاء في المنطقة مثل إسرائيل. إن النظام الجديد في سوريا يعارض تدخل النفوذ الغربي أو الإيراني، فقد تسعى الولايات المتحدة لدعمه أو التدخل عسكريًا لحماية مصالحها وقد تدفع أيضًا نحو انتقال ديمقراطي حقيقي في سوريا، وهو ما قد لا يرضي الأطراف المؤيدة للنظام القديم اما الدول الأوروبية مثل فرنسا والمملكة المتحدة قد تشارك في دعم ألحكومة الجديدة طالما انها تدعو إلى انتقال سياسي في سوريا، وتدعو إلى تشكيل حكومة شاملة.

4. تركيا:
• المصالح التركية في سوريا: تركيا لها مصالح استراتيجية في سوريا تتعلق بأمنها القومي، خاصة فيما يتعلق بالأكراد. وهي تدعم النظام السوري الجديد وتتدخل مباشرة ضد اي استهداف للنظام الجديد او أن هناك من يهدد أمنها أو يدعم الأكراد في سوريا. كما تسعى لأن يكون لها تأثير في ألحكومة الجديدة لضمان تحجيم حركة قسد التي تضم الأكراد، والذين تعتبرهم أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK).

5. روسيا:
• روسيا: روسيا كانت داعمًا رئيسيًا للنظام السوري خلال الحرب، ولا سيما على الصعيدين العسكري والسياسي. بعد ان سقط النظام السابق وتغير بشكل جذري، اصبحت روسيا ترى في ذلك تهديدًا لمصالحها في المنطقة. على الرغم من أن روسيا قد تكون مستعدة للتعامل مع الحكومة الجديدة لتضمن مصالحها في سوريا، وستسعى لأن يكون لها دور كبير في مستقبل البلاد. وقد تستخدم روسيا وسائل الضغط السياسية أو العسكرية لضمان استمرار نفوذها في سوريا.

6. إسرائيل:
• إسرائيل: على الرغم من أن إسرائيل لم تشارك بشكل مباشر في الحرب السورية، فإنها تشعر بقلق دائم من النفوذ الإيراني في سوريا ووجود ميليشيات مدعومة من إيران بالقرب من حدودها. كما ان التغيير الذي حدث في النظام زاد من تعقيد الوضع الأمني على الحدود الإسرائيلية، مما دفع إسرائيل إلى التدخل في الشؤون الداخلية السورية كما حدث في دهمها للدروز أو تنفيذ هجمات عسكرية دفاعا عن مكاسبها السابقة.

7. القوى الإقليمية الأخرى:
• النظام الإيراني ، كان الداعم لبشار الاسد وهذا يعني ان الحكومة الجديدة تتعارض مع مصالحه لذلك فان ملالي ايران، سيدعمون اي نوع من المعارضة ضد الحكومة الجديدة. في حين ستكون العلاقات الخليجية مع سوريا معتمدة على كيفية تصنيف القوى الجديدة في دمشق.
• العراق: العراق، الذي يخضع للتأثير الإيراني، فواضح ان يكون دوره سلبي كبير في التعامل مع ألنظام الجديد في سوريا، خاصة في التعامل مع الحدود السورية-العراقية والوجود الإيراني في المنطقة
من الواضح أن هناك العديد من القوى التي تسعى لزعزعة الاستقرار في سوريا بعد نهاية حكم بشار الأسد. هذه القوى تتراوح بين الجماعات المسلحة الداخلية، والدول الإقليمية مثل إيران ، والقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.لذلك فان التغييرات في سوريا محفوفة بالتحديات الأمنية والسياسية، وستكون سوريا ساحة لتقاطع مصالح متناقضة من مختلف الأطراف.

مالمطلوب من الحكومة السورية؟

التصدي للعدوان الذي يمكن أن يواجهه النظام الجديد في سوريا بعد سقوط بشار الأسد يتطلب استراتيجية شاملة تستند إلى مجموعة من الإجراءات السياسية، العسكرية، والاقتصادية، بالإضافة إلى تفعيل الدعم المحلي والدولي. بالنظر إلى الوضع المعقد في سوريا، فإن التصدي لهذا العدوان يتطلب تنسيقًا محليًا وإقليميًا ودوليًا بين القوى التي تسعى إلى تحقيق استقرار حقيقي في سوريا، بعيدًا عن الهيمنة الخارجية.

1. التوحيد الداخلي والمصالحة الوطنية
• تشكيل جبهة داخلية موحدة: من أهم خطوات التصدي لأي عدوان على النظام الجديد هي بناء جبهة داخلية موحدة تضم جميع مكونات الشعب السوري على أساس المواطنة والمساواة. يجب العمل على تحقيق مصالحة وطنية حقيقية لإنهاء الانقسامات الطائفية والإثنية التي أوجدتها واستفادت منها القوى الخارجية.
• تعزيز الثقة بين مختلف الأطراف: من خلال تقديم ضمانات للجميع بالحفاظ على حقوقهم في النظام الجديد، والتأكد من أن السلطات ستعكس طبيعة المجتمع السوري بشكل عادل.

2. تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي
• إعادة بناء الجيش الوطني: واحدة من التحديات الكبرى هي بناء جيش سوري جديد غير مرتبط بالاحتلالات الخارجية، ويعمل فقط لصالح سوريا وشعبها. يجب أن يكون الجيش قادرًا على مواجهة الجماعات المسلحة المعادية، والدفاع عن حدود البلاد ضد أي تهديدات.
• تطوير قوات الأمن الداخلي: ضمان أن تكون الأجهزة الأمنية السورية مستقلة، نزيهة، وقادرة على حماية النظام الجديد من أي محاولات لزعزعة الاستقرار من قبل الميليشيات أو الجماعات الإرهابية.

3. استعادة السيادة الوطنية
• تقليص النفوذ الأجنبي وصولا للتخلص منه نهائيا: من خلال الدبلوماسية والضغط الدولي، يجب على قيادة سوريا العمل على تقليص النفوذ الأجنبي، تحقيق السيادة على الأرض والحدود والمصادر الطبيعية من خلال خلق سياسة خارجية مستقلة قائمة على التعاون مع دول الجوار والقوى العالمية بما يخدم مصلحة سوريا.
• مراجعة الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية: أي اتفاقيات قائمة مع القوى الأجنبية التي لا تخدم المصالح الوطنية يجب إعادة النظر فيها أو إلغاؤها، خاصة تلك التي تمنحها حقوقًا استراتيجية على حساب سيادة سوريا.

4. تعزيز الدعم الدولي
• الدعم الدولي والإقليمي: العمل على كسب الدعم من الدول الداعمة للسلام والاستقرار في المنطقة، مثل روسيا والصين والدول العربية التي تسعى لتحقيق استقرار في سوريا بعيدًا عن تدخلات القوى الكبرى. تحشيد الدعم الدبلوماسي من خلال الأمم المتحدة والهيئات الدولية لضمان تأييد المجتمع الدولي للنظام الجديد.
• التعاون مع لبنان والأردن، يمكن أن تلعب هذه الدول دورًا مهمًا في تقديم الدعم السياسي والاقتصادي، كما يمكن أن تشارك في مواجهة التهديدات المشتركة في المنطقة.

5. مواجهة الجماعات المسلحة والميليشيات
• مكافحة الإرهاب: مواجهة الجماعات المتطرفة مثل فلول النظام السابق والأقليات المدعومة من إسرائيل وداعش” وبقايا قسد وغيرها من الجماعات المسلحة سيكون أمرًا حيويًا. يجب أن يتضمن التصدي لهذه الجماعات استراتيجيات استخباراتية متقدمة، وعمليات أمنية وملاحقة للتمويل واللوجستيات التي تدعم هذه الجماعات.
• حل مشكلة الميليشيات المسلحة: يجب على الحكومة الجديدة أن تعمل على تقليص دور الميليشيات المدعومة من الخارج، سواء كانت إيرانية أو غيرها، وأن تكون القوات الأمنية السورية هي الجهة الوحيدة القادرة على حفظ الأمن في البلاد.

6. التأثير في الرأي العام الداخلي والخارجي
• دور الإعلام المحلي والدولي: يجب على الحكومة الجديدة أن تواصل استخدام الإعلام بطريقة استراتيجية للحديث عن التطورات الحقيقية في البلاد وتوضيح مواقفها أمام الرأي العام المحلي والدولي. تعزيز الدعاية المضادة للقوى المعادية، وتعريف المجتمع الدولي بمواقف النظام الجديد حول القضايا الداخلية والخارجية.
• التواصل مع المجتمع المدني: إشراك الشعب السوري في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي، وضمان أن يكون الشعب جزءًا من اتخاذ القرارات الكبرى، يمكن أن يساهم في تقوية النظام السياسي، ومن ثم التصدي لأي عدوان داخلي أو خارجي.

7. تطوير الاقتصاد المحلي
• إعادة بناء الاقتصاد: يجب على النظام الجديد أن يبدأ في تحسين الظروف الاقتصادية بشكل عاجل من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية، بما في ذلك استعادة السيطرة على الموارد الطبيعية، جذب الاستثمارات، والعمل على توفير فرص العمل وتنشيط الاقتصاد.
• الاستقلال المالي: تعزيز قدرة الدولة على تمويل نفسها بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية. العمل على تأمين الأسواق والموارد المحلية، وتحقيق استقرار اقتصادي يساهم في استقرار النظام السياسي.

8. استخدام الدبلوماسية والتفاوض
• التفاوض مع القوى الإقليمية والدولية: التفاوض مع القوى التي قد يكون معارض للنظام السوري الجديد كبعض الدول الغربية أو إيران، مع محاولة تقديم ضمانات تحفظ مصالح هذه القوى دون المساس بسيادة سوريا.
• الانفتاح على الحلول السياسية: من الممكن التوصل إلى اتفاقيات سياسية مع بعض الأطراف المعارضة لتشكيل حكومة انتقالية أو عملية سياسية تشمل جميع المكونات، بما في ذلك المعارضة المعتدلة، من أجل الوصول إلى تسوية سياسية تحقق الاستقرار.

9. الاستعداد للدفاع عن الأرض
• التحضير العسكري والاستعداد للدفاع: في حال تعرض النظام الجديد لهجوم عسكري أو زعزعة استقرار من قبل قوى خارجية أو جماعات مسلحة، يجب أن تكون سوريا مستعدة للدفاع عن سيادتها. يمكن أن يتضمن هذا التدريب المكثف للقوات المسلحة، والتحضير لسيناريوهات مختلفة تشمل الهجمات العسكرية، التهديدات الاقتصادية، والحروب بالوكالة.

التصدي للعدوان الذي قد يواجهه النظام الجديد في سوريا يتطلب نهجًا شاملاً. من خلال تعزيز الوحدة الوطنية، بناء مؤسسات قوية ومستقلة، مواجهة التهديدات الأمنية من الداخل والخارج، والتحقيق في المصالحة مع القوى الدولية والإقليمية، يمكن لسوريا أن تبدأ في بناء استقرارها السياسي والاقتصادي. العمل على تحقيق سيادة كاملة مع تقليل التأثيرات الأجنبية، والضغط على الأطراف المتدخلة قد يكون المفتاح لتحقيق استقرار مستدام ومستقل لسوريا في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى