مقالات كل العرب

الإئتلاف التربوي الفلسطيني يصدر بيانا بشأن إغلاق مدارس الأونروا في القدس المحتلة

شارك

الإئتلاف التربوي الفلسطيني يصدر بيانا بشأن إغلاق مدارس الأونروا في القدس المحتلة

أ. نسيم قبها

في خضمّ التصعيد المتواصل الذي يستهدف البنية التعليمية الفلسطينية، تأتي الخطوة الجائرة التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثلة في إغلاق مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في مخيم شعفاط بالقدس المحتلة، لتشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق التربوية والإنسانية التي أقرّتها المواثيق الدولية، ولتكشف عن نية مبيّتة لضرب أحد أهم أعمدة الصمود الفلسطيني: الحق في التعليم.

إن هذا القرار التعسفي لا يندرج في إطار إداري أو تنظيمي كما يدّعي الاحتلال، بل يأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تقويض الوجود الفلسطيني في القدس، عبر تفريغ المدينة من مؤسساتها التعليمية، وحرمان أطفالها من أبسط حقوقهم المكفولة، وفي طليعتها الحق في تعليم نوعي، آمن، ومستدام. وهو في جوهره خرق سافر للمواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقرارات الأمم المتحدة التي شددت مراراً على أن التعليم حق غير قابل للتصرف، لا سيما في أوقات النزاع واللجوء.

يشكّل إغلاق مدارس “الأونروا” نكسة تاريخية تهزّ جوهر الكينونة الفلسطينية. فالأثر لا يقتصر على حرمان آلاف الأطفال من حقهم المشروع في التعليم، بل يمتد ليطعن في أساسات النسيج الاجتماعي الفلسطيني، مهدِّداً وحدته واستقراره. إن هذا القرار، الذي يبدو مجرد إجراء إداري في ظاهره، يفتح الأبواب على مصراعيها لدوائر التهميش، ويغذي اليأس في قلوب الناشئة، مُعداً لهم مستقبلاً مظلماً يحدّ من آمالهم، ويقودهم نحو العنف والتطرف والتشرد. إنه ليس ضرباً للحاضر فحسب، بل هو تدميرٌ لأحلام الأجيال المقبلة، وزرعٌ للشك في جدوى النهوض، مُساهماً في تفكيك البناء المجتمعي، وقوضاً لأسس الأمن والتنمية والاستقرار في آن واحد.

انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية، تؤكد تعاونية السياسات التربوية، بوصفها أحد أذرع الائتلاف التربوي الفلسطيني، وإيماناً منها بأن التعليم هو خط الدفاع الأول عن الهوية والكرامة، أن ما يجري في القدس لا يمكن فصله عن مشروع سياسي ممنهج يستهدف تفريغ المدينة من مؤسساتها التعليمية والثقافية.

وإذ نؤكد أن إغلاق مدارس “الأونروا” لا يمثّل مجرد إجراء إداري، بل خرق خطير للاتفاقيات الدولية، فإننا نحذّر من أن هذا القرار لا يهدد فقط مستقبل آلاف الأطفال، بل ينذر بانهيار منظومة الحماية الاجتماعية، ويُغذي مشاعر التهميش والانحراف لدى الأجيال الصاعدة، ما يفتح الأبواب أمام تفشي العنف والتطرّف والانحراف.

بناءً على ما سبق، يدعو الائتلاف التربوي الفلسطيني كافة القوى الوطنية، ومؤسسات المجتمع المدني، والهيئات الدولية وعلى رأسها “اليونسكو” و”اليونيسف”، إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية، والعمل على:

• وقف هذه السياسات الظالمة التي تمس جوهر الحق في التعليم.

• ضمان استمرار خدمات التعليم لأطفال اللاجئين دون تسييس أو انتقاص.

• تمكين وكالة “الأونروا” من أداء دورها التاريخي والإنساني في رعاية اللاجئين، استناداً إلى القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

إن حماية الحق في التعليم في القدس ليست مسؤولية وطنية فحسب، بل اختبار حقيقي لمدى التزام المجتمع الدولي بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان. فالمساس بمؤسسات التعليم في القدس، أو في غزة، أو جنين، أو غيرها من المدن الفلسطينية، هو عدوان مباشر على مستقبل الأجيال الفلسطينية، ومحاولة سافرة لسلخ الفلسطيني عن جذوره وهويته.

من هنا، فإننا في الائتلاف التربوي الفلسطيني نهيب بكل القوى الحيّة إلى رصّ الصفوف وتكثيف الجهود دفاعاً عن الحق في التعليم، والتشبّث بالمواثيق الدولية كرافعة قانونية وأخلاقية لضمان هذا الحق وصونه من العبث والابتزاز السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى