مقالات كل العرب

كندا ليبرالية: حكومة أقلية قوية وكارني يطيح بزعماء المعارضة

شارك

كندا ليبرالية: حكومة أقلية قوية وكارني يطيح بزعماء المعارضة

أ. لهيب عبدالخالق – اوتاوا

حقق الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني فوزًا مهمًا في الانتخابات الفيدرالية الكندية التي جرت في 28 أبريل 2025، وحصل على 165 مقعدًا من أصل 343 مقعدًا في مجلس العموم. هذا العدد لا يصل إلى العتبة المطلوبة للأغلبية المطلقة (172 مقعدًا)، لكنه يمنح الليبراليين ما يوصف بـ”حكومة أقلية قوية”، وهي حالة يكون فيها الحزب الحاكم هو الأكبر بفارق واضح عن الأحزاب الأخرى، مما يسمح له بتمرير القوانين بالتفاهم مع أحزاب أصغر من دون الحاجة إلى تحالف رسمي دائم، ويمنحه استقرارًا نسبيًا لفترة قادمة.
وتوزعت بقية المقاعد كالتالي: حصل الحزب المحافظين التقدميين على 147 مقعدًا، فيما حصلت الكتلة الكيبيكية على 23 مقعدًا، والحزب الديمقراطي الجديد على 7 مقاعد، وحزب الخضر على مقعد واحد فقط. وهذا التوزيع يكرس موقع الليبراليين كحزب حاكم، مع معارضة ضعيفة ومجزأة نسبيًا، ما يفتح المجال أمام كارني لبناء تحالفات ظرفية مع الكتلة الكيبيكية أو الحزب الديمقراطي الجديد حسب الحاجة.
وأمام مارك كارني خيارين دستوريين: إما أن يقدم استقالته إلى الحاكمة العامة ثم يُدعى لتشكيل الحكومة مجددًا بناءً على تصويت الثقة، أو أن يواصل مباشرةً تشكيل حكومة أقلية دون الحاجة إلى استقالة. ونظرًا لقوة موقعه مقارنة بباقي الأحزاب، من المتوقع أن يواصل الحكم مباشرة، معتمداً على تفاهمات برلمانية غير رسمية لضمان تمرير مشروعات القوانين الرئيسية، خصوصًا موازنة الدولة القادمة.
أما الحزب المحافظ، فقد مُني بنكسة ثقيلة رغم احتفاظه بعدد لا بأس به من المقاعد، إذ خسر زعيمه بيير بواليافر مقعده الشخصي في دائرة كارلتون، وهي ضربة سياسية قاسية تهدد موقعه كزعيم للحزب. ففي النظام البرلماني الكندي، خسارة الزعيم لمقعده تضعف من شرعيته السياسية وتجعله غير قادر على قيادة كتلته داخل البرلمان بشكل فعّال، مما يفتح الباب أمام مطالبات داخل الحزب باستقالته أو استبداله في مؤتمر قادم. وقد بات من شبه المؤكد أن بواليافر سيضطر للاستقالة خلال أسابيع قليلة تحت ضغط القواعد الحزبية.
في المقابل، أعلن زعيم الحزب الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ، الذي مني حزبه بتراجع حاد، استقالته رسميًا من قيادة الحزب، بعد أن خسر مقعده في دائرة بيرنابي سنترال، مكتفيًا بالحصول على المركز الثالث بنسبة متدنية من الأصوات. وقد أقر سينغ بأن نتائج الانتخابات كانت مخيبة للآمال، وأكد أن قراره بالتنحي يهدف إلى فسح المجال أمام تجديد قيادة الحزب وبنائه من جديد.
بهذا المشهد الانتخابي، يدخل مارك كارني المرحلة المقبلة مستندًا إلى حكومة أقلية قوية تمكنه من ممارسة الحكم بثقة، ولو بحذر، وسط معارضة مشتتة وضعيفة بفعل الخسائر الفادحة التي طالت قادة أحزابها الرئيسيين. وتبدو كندا مقبلة على فترة سياسية جديدة تتسم بتركيز على الملفات الاقتصادية والاستقرار الداخلي، مع غياب تهديد مباشر باستبدال الحكومة في المستقبل القريب.
وفي خطابه عقب إعلان النتائج، أكد مارك كارني أن أولويته في المرحلة المقبلة هي تعزيز السيادة الكندية في وجه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتصاعدة، لا سيما من الولايات المتحدة، مشيرًا إلى توجه حكومته نحو تنويع الشراكات الدولية وتعزيز العلاقات مع أوروبا وآسيا. وشدد على أن حكومته، رغم طابعها الأقلّي، ستسعى إلى تحقيق استقرار برلماني عبر الانفتاح على التعاون مع أطراف أخرى.
أما زعيم المحافظين بيير بويليفر، فقد أقر بالهزيمة وهنّأ كارني، إلا أنه لم يعلن استقالته رغم خسارته مقعده في كارلتون، مكتفيًا بتأكيد استمرار الحزب في دوره كمعارضة قوية. ورغم غياب أي إعلان رسمي عن مغادرته المشهد، إلا أن الضغوط الداخلية تتصاعد وقد تمهد لتغييرات مرتقبة في قيادة الحزب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى