مهرجان أوسو يضئ سماء سوسة بعد غياب: عودة منتظرة تعيد البهجة الى المدينة
مهرجان أوسو يضيء سماء سوسة بعد غياب: عودة منتظرة تعيد البهجة إلى المدينة
أ. رجاء السنوسي
تحت شعار “أوسو بحر وسلام”، احتضنت جوهرة الساحل سوسة الدورة الحادية والستين لكرنفال أوسو، الذي الذي تنظمه جمعية استعراض أوسو سنويًا على كورنيش بوجعفر هذا الحدث الثقافي والفني الأصيل، يجمع بين التراث والتجديد ليقدم تجربة استثنائية تمزج بين الفلكلور الشعبي والعروض الحديثة مما يعزز من جاذبية المدينة كمقصد سياحي.
وفي مقدمة فعالياته الباهرة، يأتي عرض الكرنفال الذي يبهر الحضور بألوانه الزاهية وأزيائه التقليدية والمبتكرة، ليعكس روح الفرح والتنوع الثقافي الذي تتميز به مدينة سوسة. يشهد المهرجان، الذي يعد من أبرز المناسبات السياحية في تونس، توافد الآلاف من الزوار من داخل وخارج البلاد، ليغمروا أنفسهم في أجواء احتفالية لا مثيل لها.
مهرجان اوسو …
مهرجان أوسو، الذي يُقام سنويًا في سوسة جوهرة الساحل التونسي هو احتفال ثقافي عريق يعود تاريخه إلى العصور القديمة. يُعتبر المهرجان من أبرز الفعاليات الشعبية التي تعرف التراث التونسي بأبعاده المختلفة، حيث يمتزج فيه الماضي بالحاضر في تناغم فريد. يُعد شط بوجعفر، الكائن في قلب سوسة، المسرح الطبيعي لهذا الحدث، حيث تتوافد الجموع لتعيش تجربة ثقافية مفعمة بالحياة.
أوسو: من أسطورة إلى احتفال
أوسو، هو مصطلح يحدد موجة الحر في شهر أغسطس حسب التقويم القديم، هو في الأصل مهرجان يحتفل بإله البحر، نبتون. يعود تاريخه إلى الفينيقيين، وقد تطور عبر الزمن ليصبح رمزًا للتراث الثقافي لسوسة.
في العصر الحديث، اقترن الاحتفال بعيد إعلان الجمهورية التونسية في 25 يوليو 1957، مما أضاف بُعدًا وطنيًا للمهرجان.
ايضا يعود أصل هذا الاحتفال إلى الفينيقيين والقرطاجيين، حيث كان أوسو يمثل قوة البحر وتأثيره على الحياة اليومية للسكان. يتمحور مهرجان أوسو حول تكريم البحر ودوره الحيوي في حياة أهل سوسة، سواء في الصيد أو التجارة.
استعراض الكرنفال موكب الألوان والألحان…
يعتبر كرنفال أوسو جزءًا لا يتجزأ من هوية المدينة، حيث يساهم في تعزيز السياحة والثقافة المحلية، ويعكس روحها الحيوية والمبدعة. إن نجاح هذا الحدث يعكس جهود المجتمع المحلي والمنظمين في تقديم تجربة لا تنُسى للزوار والمشاركين على حد سواء. كما يشمل المهرجان استعراضات لعربات كرنفالية تجذب انتباه الجماهير، من بينها عربة “أوسو” التي تحمل “إله البحر”، في محاكاة لأسطورة تاريخية. يشارك في الاستعراض فرق نحاسية وراقصة، إضافة إلى الفرق الشعبية والدمى العملاقة من تونس وخارجها، وتقُام الفعاليات بالقرب من الشاطئ بشكل رئيسي في شارع الحبيب بورقيبة وكورنيش بوجعفر.
يتجلى هذا الاحتفال الشعبي في مهرجان أوسو السنوي، حيث يتم تنظيم العديد من الفعاليات التي تمجد البحر وتراثه. يُعتبر المهرجان فرصة لتجمع الناس من مختلف الأعما ر والخلفيات للاحتفاء بثقافة البحر والتمتع بالعروض الفنية والأجواء. الاحتفالية التي تعكس العلاقة الوثيقة بين سكان سوسة وبحرهم العزيز.
الكرنفال…
أحد أهم مكونات مهرجان أوسو هو الكرنفال، الذي يمثل ذروة الاحتفالات بعروضه المبهرة وأجوائه الصاخبة. الكرنفال هو استعراض فني يتميز بموكب من العربات المزينة والفرق الموسيقية الراقصة والأزياء الفولكلورية المزركشة. المشاركون في الكرنفال، من محترفين وهواة واطفال يعبرون الشوارع الرئيسية لمدينة سوسة، مقدمين لوحات فنية تنبض بالألوان والحيوية. يجسد الكرنفال روح المهرجان، حيث تتلاقى فيه التقاليد مع الإبداع الحديث، ليمنح الجمهور تجربة فريدة تبقى عالقة في الأذهان. يتضمن ايضا الكرنفال هذا العام مجموعة متنوعة من اللوحات الاستعراضية التي أبدعت في تقديمها فرق نحاسية وتراثية محلية ودولية. انطلقت الفعاليات من نهاية كورنيش بوجعفر، متوجهة نحو رصيف الفنون المحاذي للميناء التجاري، مرورًا بشارع الحبيب بورقيبة.
تميز الكرنفال بعروض فنية رائعة قدمتها فرقة من جوارة سوسة، مصحوبة بأنغام النشيد الوطني، مما أضفى جوًا من الوطنية والفخر على الحدث. كما شاركت في الكرنفال عربات مزينة بألوان زاهية ومجسمات ودمى عملاقة.
عرض العدوان على غزة الابية يشد انتباه الجمهور …
إحدى الفقرات التي لفتت انتباه الحضور كانت عرضًا تمحور حول العدوان على غزة، حيث تم تجسيد المعاناة والألم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من خلال لوحات فنية مؤثرة. تم تقديم هذا العرض بأسلوب يجمع بين الفن والرسالة الإنسانية ، مسلطًا الضوء على الصمود والشجاعة التي يبديها الفلسطينيون في وجه العدوان.
لوحة فنية مؤثرة قادها اطفال تونس الخضراء جسّدت عدوان غزة بواقعية مؤلمة. تحت صوت الطائرات والصواريخ، عكس العرض حجم الخوف والدمار، مما أعاد إلى الأذهان القسوة التي يواجهها الأطفال في مناطق النزاع. كانت هذه اللوحة الفنية بمثابة صرخة بصرية تذُكّرنا بمعاناة الأبرياء وتدعو إلى العمل من اجل القضية وكسب مفتاح العودة.
تفاعل الجمهور…
تفاعل الجمهور مع هذا العرض بشكل كبير، معبرين عن تضامنهم ودعمهم للقضية الفلسطينية.
أهـــــداف المهرجــــــــــــان وتأثيره على السياحة …
يسعى مهرجان أوسو إلى دعم وتنمية السياحة الثقافية والشبابية في تونس. من خلال دمج التقاليد القديمة مع الاحتفالات الحديثة،و يقدم المهرجان منصة للتفاعل الثقافي ويعزز من مكانة سوسة كوجهة سياحية مميزة. كما يجذب مهرجان أوسو آلاف السياح الذين يأتون للاستمتاع بالطقس الجميل والشواطئ الخلابة في سوسة. يُعد “كرنفال أوسو” أول الكرنفالات في إفريقيا والعالم العربي، ويشهد مشاركة دولية واسعة من خلال الفرق الفنية واللوحات الإبداعية والسياح الوافدين. بهذه الكلمات، نختتم جولتنا في مهرجان أوسو ، هذا الحدث الذي يجسد روح تونس العريقة ويجمع بين الأصالة والحداثة، مانحًا الجميع فرصة للاحتفال بالحياة والثقافة في أجواء لا تنُسى.
صحفية من تونس