مقالات كل العرب

ما سر الدعم الغربي للإرهاب الصهيوني والإبادة الجماعية في غزة

شارك

ما سر الدعم الغربي للإرهاب الصهيوني والإبادة الجماعية في غزة

د.الحسين الرامي

ما سر الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي للكيان الصهيوني وللإبادة الجماعية الغير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث من طرف الدول الإمبريالية؟ (حسب بعض التقارير، منذ سنة 1948 ودون استحضار دعم ألمانيا وفرنسا والكثير من الدول الغربية الأخرى، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها للكيان الصهيوني مساعدات عسكرية بقيمة 218 مليار دولار ومساعدات اقتصادية بقيمة 76 مليار دولار ومساعدات برامج الصواريخ بقيمة 16 مليار دولار).
ما سر توظيف هذه الدول لأجهزة الأمم المتحدة لعرقلة كل المبادرات الرامية إلى معاقبة هذا الكيان عن جرائمه وردع تماديه في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان ودول الجوار(استعمال حق الفيتو من قبل الولايات المتحدة 45 مرة لصالح إسرائيل) وما سر الصمت المريب عن تمادي الكيان الصهيوني في هجومه وعدوانه على أجهزة الأمم المتحدة وعرقلة عملها في الأراضي الفلسطينية و منعها من القيام بأدوارها وفقا لمقتضيات ميثاق الأمم المتحدة(قتل وتقتيل موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقرار توقيف أنشطتها ومنع الأمين العام للأمم المتحدة من دخول الأراضي المحتلة…..)
لا مراء في كون هذا الدعم غير المسبوق والصمت المريب عن الجرائم المرتكبة، في تاريخ الصراعات والحروب هو دعم لا متناهي وغير محدود ولا مشروط أو مقيد بأية قيود أو قواعد أو مبادئ أو قيم روحية أو إنسانية أو أخلاقية أو قيمية. ولا شك أن هذا الدعم لم يتراجع ولم يتأثر بحراك الشارع الغربي ولا بالنداءات الإنسانية ولا بالمظاهرات المنددة والداعمة لحق شعب فلسطين في مقاومة الاحتلال ونيل حقه في إقامة دولته.
في إطار محاولة تحديد ورصد سر الدعم الغربي للكيان الصهيوني ودلالاته وتفسيراته وخلفياته، يمكن الانطلاق من ثلاث فرضيات أساسية. وهي فرضيات قابلة للتأكيد أو النفي من خلال قراء تاريخ اليهود الصهاينة وصراعاتهم ودسائسهم منذ قرون خلت :
الفرضية الأولى: تقوم على أساس أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول أوروبا تكن كرها وحقدا شديدين لليهود، لذا فهي لا تدعم الصهاينة تعبيرا منها عن الحب والمودة لهذا الكيان الغاصب، بل تسعى من خلال هذا الدعم إلى إبعادهم بعد حرمانهم من التمتع بأبسط الحقوق و التنكيل بهم وقتل الملايين منهم وحرقهم أحياء وطردهم وتنقلهم من دولة إلى أخرى خلال قرون طويلة(محرقة الهولوكوست بين سنتي 1933 و1945 في ألمانيا النازية كمثال). الهدف إذن هو ضمان عدم عودتهم مرة أخرى للاستقرار في أوروبا وأمريكا لكونهم يتقنون الخداع والمكر والنفاق والجشع والمضاربات والدسائس. فهم بالتالي أناس يشكلون مصدرا للأعمال الخبيثة والأفكار الهدامة التي تنخر المجتمعات الغربية واقتصادياتها ومعتقداتها وقيمهم.
الفرضية الثانية: تقوم على أساس ما يكنه الغرب من حقد على الإسلام والمسلمين والعرب بالخصوص. فالأوروبيون وبالنظر إلى الصراعات التاريخية التي اكتست طابعا عقائديا ووجوديا وما ميز هذا الصراع من حقد دفين ضد العرب والمسلمين ونظرا لما يجمع هؤلاء من روابط العقيدة واللغة والثقافة والتاريخ المشترك وما تختزنه جغرافيتهم من ثروات طبيعية، يسعون بكل الطرق إلى ضمان دوام الهيمنة والاستغلال والاستعباد بعد التاريخ الطويل من الحروب الصليبية وعشرات السنين من الاستعمار البغيض. وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال زرع هذا الكيان في قلب الوطن العربي (وعد بلفور المشؤوم وقرار تقسيم فلسطين 1947) وتمكينه من كل أشكال الدعم ليلعب الدور المنوط به خدمة للأجندة الصهيونية والإمبريالية. وهي الإمبريالية الرامية إلى استغلال ونهب الثروات ونشر القيم والمبادئ الليبرالية التي كشفت الحروب التي خاضتها الدول الغربية في كل بقاع المعمور(الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب على كوريا والفيتنام والصومال والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان….) وكل أشكال الدعم للإرهاب الصهيوني عن زيفها وعن الكذب والنفاق والغرور والتعالي الذي ميز سلوكات قياداتها السياسية.
الفرضية الثالثة: تقوم على أساس كون الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة تحقق من خلال دعم الكيان الصهيوني هدف:
– إبعاد اليهود الصهاينة وتأمين الغرب من مكرهم وخداعهم ونفاقهم وأفكارهم الهدامة وسلوكاتهم الشادة والمرضية وعنصريتهم المقيتة.
– النيل من العرب والمسلمين الذين يمتلكون كل المقومات والإمكانات القابلة للاستثمار والتوظيف الأمثل لبناء حضارة إنسانية تقوم على مبادئ العدل والمساواة والتسامح والتعايش بين الأديان والأجناس من جهة، ومن جهة أخرى الحد من امتدادات وتأثيرات الحضارة الغربية المزيفة والمبنية على الخداع والتضليل والإرهاب والاستغلال والاستعباد وعلى اعتماد منطق الحديد والنار والحروب والمآسي التي لا تنتهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى