المهنية الإعلامية: الحال و المآل
المهنية الإعلامية: الحال والمآل
خاص كل العرب – باريس
بدعوة من اتحاد الصحفيين والكتاب العرب في أوروبا، أقيمت مساء يوم الجمعة 10 كانون الثاني ـ يناير 2025 ندوة في قاعة اوتيل حياة ريجنسي بباريس، ندوة حوار حول الاعلام المهني، بحضور نخبة من الإعلاميين العرب.
افتتح الندوة الأستاذ علي المرعبي، حيث اكد أن أخلاقيات الإعلام تمثل مجموعة من القيم والمعايير التي تهدف إلى ضمان نزاهة ومصداقية العمل الإعلامي. تشمل هذه الأخلاقيات:
الصدق والمصداقية: تقديم معلومات دقيقة وغير متحيزة
المسؤولية الاجتماعية: دعم تماسك المجتمع واحترام قيمه وهويته
الحيادية والموضوعية: تجنب الانحياز أو تضخيم الأحداث
احترام الخصوصية والكرامة الإنسانية: مراعاة تأثير التقارير على الأفراد والمجتمع
التزام القوانين ومواثيق الشرف: لضمان مهنية الإعلاميين وتعزيز الثقة العامة.
وأضاف ان المهنية في الصحافة تعني الالتزام بمعايير أخلاقية وتقنية تهدف إلى ضمان الدقة، الموضوعية، الحياد، والمصداقية في نقل المعلومات. تشمل هذه المعايير تحري الحقيقة، احترام الخصوصية، وتجنب التضليل أو الانحياز. وأوضح ان المسارات المهنية في الصحافة متنوعة وتشمل الصحفي الميداني، المحرر، أخصائي العلاقات العامة، صانع المحتوى الرقمي، والباحث الإعلامي، بالإضافة إلى أدوار مثل منتج البث أو المصور الوثائقي.
المعيار الوطني في الإعلام يشير إلى مجموعة من الضوابط والتشريعات التي تهدف إلى تنظيم المحتوى الإعلامي بما يتماشى مع الهوية الوطنية والقيم الثقافية للدولة. يركز الإعلام على تطوير بيئة تشريعية وتنظيمية تدعم الهوية الوطنية وتعزز مكانة الدولة عالميًا
وتتضمن معايير الإعلام احترام الثوابت الدينية والوطنية، حرية التعبير ضمن الضوابط، وحماية الملكية الفكرية. معايير مناهضة التطبيع في الإعلام العربي تهدف لمواجهة الترويج للتطبيع مع إسرائيل عبر سياسات إعلامية واضحة.
للدفاع عن القضايا العادلة في الإعلام، يمكن اتباع الخطوات التالية:
التوعية ونشر الحقائق مع التركيز على التحليل الموضوعي. والتخطيط الاستراتيجي. التعاون الدولي والاستفادة من المنصات الدولية لتوسيع نطاق التأثير في الدفاع عن القضية الفلسطينية والاحوازية، من خلال الالتزام بالإعلام المقاوم.
وطالب بإتباع أفضل الممارسات التالية: تعزيز حرية واستقلالية الإعلام. تحسين التشريعات الإعلامية. مكافحة خطاب الكراهية الطائفي والمذهبي والعرقي. تمكين المرأة والشباب ودعم حضورهم في المجال الإعلامي. تعزيز المهنية والسلامة وتدريب الصحفيين على الممارسات المهنية وضمان سلامتهم، خصوصًا في مناطق النزاعات. التزام القوانين ومواثيق الشرف لضمان مهنية الإعلاميين وتعزيز الثقة العامة بهم.
وأوضحت الاستاذة فاطمة محمدي: من بين مواصفات الصحفي المميز، أن تكون قادراً على نقل المعلومة بلغة صحيحة بسيطة وواضحة.
مع الأسف ما نراه اليوم من اخطاء لغوية، نحوية وغيرها، كارثي، بخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في بعض المؤسسات الإعلامية المعروفة.
ومن ضمن أخلاقيات المهنة، هو إيصال الحقيقة، مع الأسف، يجد الصحافيون انفسهم في نهاية المطاف، يواجهون ضغوطا، تفرضها عليهم الجهات الممولة
قول الحقيقة، لا يجرؤ عليها إلا الشجعان، لكن الثمن غال وقد يؤدي إلى عملية تسريح تعسفية.
شدد الزميل محمد الاسباط على ضرورة الالتزام بميثاق الشرف الصحفي مع الاحترام الصارم بنقل الحقيقة بغض النظر عن معوقات العمل مع مؤسسات تضع خط تحريري لا يحترم الحياد المهني المطلوب.
وتناول الزميل الاسباط التأثير الكاسح لوسائط التواصل الاجتماعي بسبب سرعة انتشارها وقدرتها على التأثير مع عدم خضوعها لضوابط الصرامة المهنية، مع ملاحظة فشل الإعلام التقليدي في توظيف الإعلام الجديد.
أما الأستاذة فوزية مسعدي تطرقت لموضوع نقل الخبر وبثه في المحطات الاخبارية، غالبا ما يجد الصحفي نفسه أمام إجبارية تتبع الخط الافتتاحي للمحطة الاعلامية التي ينتمي اليها، هنا يصبح الصحفي مجرد ناقل للخبر وفقط دون تحليل ولا ابداء رأيه الصحفي، وللأسف الشديد ان اغلب المحطات الإخبارية اليوم تميل لكسب قوتها اليومي والمحافظة على استمراريتها لذا تخضع في أغلب الاوقات لخدمة مموليها، هنا أتحدث بالضبط على الاشهار، بعيدا عن العمل الصحفي.
بدوره تحدث الزميل هاني الملاذي عن الإشكاليات والتحديات التي تواجه الإعلام العربي وتمنع استقلاليته وحياديته، منبهاً إلى خطورة المعايير والاعتبارات غير المهنية التي باتت رائجة سواء في اختيار الكوادر الإعلامية أو في توجيه عملها
ورأى أن ثنائية الصدق والنزاهة أصبحت شبه مفقودة.
كما أبرز مسألة تصاعد تأثير صانعي المحتوى على الشبكات الاجتماعية لدرجة تخطيه وسائل الإعلام التقليدية، وخلوه من أي حدود أو ضوابط مما يجعله كسلاح ذي حدين تبعاً لدرجة اتزانه وجديته.
الدكتور علي عبد القادر قال ان الإعلام يقع في حصار بين قوتين ھما السلطة الحاكمة من جھة واصحاب راس المال “اصحاب التمويل” من جھة أخرى.
ولكن رغم ذلك ينبغي الا يخضع لھما او لأحدھما. بل ان يكون اعلاما حرا ونزيھا. وان دور الإعلام ھو نشر الوعي والمعرفة وتقويم السلطة الحاكمة بالنقد والنصيحة.
ھناك البعض لأسباب مختلفة لا يستطيع ان ينفك عن ارتباطه بعلاقة تبعية للسلطة الحاكمة او لاصحاب راس المال او لھما معا، وشدد على ان الاعلام الاجتماعي ھو موجه للقطاع العام من الشعب لشغله بالامور الفارغة ولتغبيش وعيه بسياسة التفاھات. ولكن الاعلام الجاد ھو من يحاول المساھمة في تنوير الشعب وزيادة ثقافته ومعرفته.
الاستاذة آمال الصالح قالت: ما نشاهده اليوم من خلال الشاشات الصغيرة محتوى هزيل جدا مع وجوه ليس لها باع في الثقافة أو الفكر الذي يسمو بشعوبنا.
للأسف الشديد نعيش فترة انحدار ثقافي عبر الإعلام البصري.
ولهذا توابع خطيرة: فالاعلامي هو مثل السياسي له دور الريادة. واذا أصبح الإعلام يسوق لنا كل ما هو مبتذل فهو إذ ذاك ينحدر بمجتمع بأكمله. ويؤثر على الأجيال الصاعدة. فكيف لهذه الأجيال إذن أن تحمل مشعل المستقبل بما تراه؟
وقال الأستاذ محمد صبري متولي حول المهنية الإعلامية ليس هنالك من ضرورة أو شرط للدراسة ولكن بالممارسة والخبرة والبيئة التي تساعد على خلق الاعلامي والصحافي صاحب المحتوى عالي الجودة المنبني على الخبرة على الكتابة فضلا عن المناخ الملائم الحر مما يتأتى العمل بحرية ونزاهة مهنية واستقلالية وحرفية مبنية على أخلاقيات العمل الصحفي. مثال على ذلك كان لبنان فى عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي نموذجاً رائعاً جدا يحتذى به حيث كان الإعلام اللبناني منارة يهتدي إليه الكثيرين من الكتاب والاعلاميين أصحاب الرأي والكلمة من كافة أرجاء الوطن العربي الكبير وكما ذكر الزميل الأستاذ على المرعبى عن تجربته في العمل الصحفي بلبنان في تلك المرحلة الثرية الغنية بكبار الكتاب والاعلاميين الاحرار، في رأيي الشخصي واضيف على ذلك وأؤكد بأن هذا الجيل كأمثال محمود درويش ،كمال ناصر، ناجي العلي والكثيرين ممن عمل في الصحافة اللبنانية هو الجيل الذى كان منارا و نبراسا إلى يومنا هذا يحمى ما تبقى من قوميتنا واعلامنا العربي.
وكانت هناك العديد من المداخلات من زميلات وزملاء حول الاخلاقية الإعلامية.
وفي ختام الندوة شكر الأستاذ علي المرعبي الحضور النوعي، واكد انه سيكون قريبا ندوة أخرى حول الاعلام وتتناول بشكل رئيس: التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي. ثم طلب من الجميع الوقوف لقراءة الفاتحة على أرواح الإعلاميين الذين استهدفوا بالاغتيال أمثال: رياض طه، سليم اللوزي، سمير قصير، شيرين ابوعاقلة، جبران تويني، غسان كنفاني، ناجي العلي، لقمان سليم.