مقالات كل العرب

هل ما زلنا بانتظار خبر عاجل؟

شارك

هل ما زلنا بانتظار خبر عاجل؟

أ. محمد علي صابوني

آن الأوان لنا نحن السوريين أن ننتقل من حالة النشوة والاحتفال بزوال النظام البائد إلى مرحلة البناء والعمل والتخلص من متلازمة (إنتظار خبر عاجل يلبي رغباتنا) فقد اعتاد معظمنا طيلة السنوات الماضية على الاستسلام إلى مسلمة مفادها أن القضية السورية لم تعد قضية محلية بعد أن تداخلت فيها دول إقليمية ودولية وتحولت إلى قضية عالمية خرجت من أيادي السوريين فآثرنا الترقب والانتظار أو التحرك ضمن “دائرة المتاح” في احسن الأحوال .. وعلينا اليوم أن لاندخل في جدلية “البيضة أولاً أم الدجاجة” فالقضية أشبعت تحليلات من العارِفين ومن الجهال على حد سواء
بعد زوال النظام المجرم ومنظومته الأمنية دخلت سورية اليوم في مرحلة جديدة ولامناص من لملمة الجراح والانطلاق بمرحلة مغايرة تقودها إدارة سورية انتقالية في السياسة والاقتصاد والتعليم والإعلام والبنى التحتية مع الاستئناس بفقه الأولويات وعدم الاعتماد كلياً على “المعونات المشروطة” من الجهات الخارجية
السوريون اليوم بأمس الحاجة إلى الأولويات التي تتمثل بأبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء وخبز وأمان وقبل هذا وذاك حفظ الكرامة للمواطن السوري الذي دفع أثماناً باهظة كي يحافظ على ما تبقى منها, وبدل أن تشغل الحكومة السورية نفسها اليوم بطلب المساعدات من الدول الأخرى وحثها على تزويدنا بالطحين وبالوقود, لما لا تُستكمل عملية تحرير ثلث مساحة البلد المتبقية في الجزيرة السورية والتي تعوم على بحر من النفط والغاز ومساحات هائلة من حقول أجود أنواع القمح والشعير والقطن والتي تسد احتياجات سورية وتزيد..؟!
لما لا يجري العمل على وجه السرعة بإنهاء معاناة مئات الآلاف من أهالي مدينة دير الزور
حيث تفاقمت معاناتهم بعد نسف وتدمير الجسور الفراتية في المدينة و باتت عملية العبور بين ضفتي نهر الفرات مقتصرة على العبارات البدائية العائمة .. وأمسى أهالي المحافظة اليوم يعانون من ارتفاع تكلفة العبور إلى الضفة الأخرى فأصحاب العبارات بجانب “جسر السياسية المدمر” يطلبون 10 آلاف ليرة على الشخص الواحد و 15 ألف ليرة لنقل الدراجة النارية وأكثر من ذلك المبلغ لنقل السيارة إلى الضفة الأخرى, نعم هناك أولويات لا بد من البدء بإنجازها في تلك المحافظات الشرقية التي هُمشت في عهد الأسد الأب وتفاقمت عملية تهميشها من قبل الإبن فهل ستستمر عملية التهميش لتلك المنطقة المنسية..؟
إذاً علينا اليوم أن نتجاوز مرحلة الاحتفالات والأهازيج وعقد الدبكات, وعلى السوريين مراعاة شعور أكثر من ثلاثة ملايين نسمة في تلك المحافظات الشرقية الذين لم تكتمل لديهم فرحة النصر بسقوط النظام فأوضاعهم لم تتغير قيد أنملة, بل على العكس فقد ازدادت سوءاً بعد انهيارالنظام وتعطيل مؤسسات الدولة فيها بشكل تام, وتوقف صرف الرواتب الشهرية للموظفين الحكوميين, ثم كيف لهم أن يشاركوا في مؤتمر وطني أو في صياغة دستور أو حتى في انتخابات محلية وبلدية والدولة السورية اليوم لا تسيطر على تلك المناطق ولم تدخلها بعد, وقد تعذر على معظم المهجرين من تلك المناطق أن يعودوا إلى ديارهم وإلى بيوتهم ومازالوا حتى اليوم بانتظار (الخبر العاجل) الذي قد ينهي مأساتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى