الاقتصاد العربي ومؤهلات النهوض
تعرضت دول العالم منذ مطلع القرن الحالي االحادي والعشرين لتطورات مهمة ومختلفة أثرت على مؤشرات ادائها الأقتصادي الا انه ومع اقتراب نهاية العقد الثاني من الألفية الثالثة يُلاحظ زيادة التحديات التي يشهدها الأقتصاد العربي مجتمعا بسبب الظروف الأقليمية الملتهبة وما رافقها من تراجع الأنتاج في بعض الاقطار العربية التي تواجه عدم استقرار سياسي كما هو في سوريا والعراق وليبيا واليمن اضافة الي الأقطار التي استقبلت موجات النازحين اليها وما شكلوه من عبئ اقتصادي وسياسي على هذة الأقطار كما هو الحال في الأردن ولبنان , والمراقب لتطور الاحداث السياسية سالفة الذكر يلاحظ تزامنها مع الازمة الاقتصادية العالمية مما عمل على تثاقب الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشة لمعظم سكان عدد من الأقطار العربية وانعكاس الأوضاع الأقتصادية العالمية عليها كذالك.
-
بقلم غسان الطالب
مساحة الوطن العربي الأجمالية تبلغ 13.3 مليون كم وتشكل هذه النسبة مامقداره 9.6% من مساحة العام ويبلغ عدد سكانه لغاية نهاية العام 2017 حسب التقرير العربي الموحد 400 مليون نسمة اي 5.4% من سكان العالم منهم 130 مليون مجموع القوى العاملة , بينما تشكل البطالة ما نسبتة 14.9% , ولا غرابة اذا عرفنا ان قيمة الدين العام الخارجي فقط لمجموع الدول العربية هو 232.3 مليار دولار امريكي وهذا يمثل مانسبة 26.8% من الناتج المحلي الأجمالي , اما تكلفة خدمة هذا الدين فتبلغ 18.9 مليار دولار امريكي . أوردنا هذه المقدمه وهذة الأرقام حتى نعطي تصور للقارئ عن اهم التحديات التي تواجه اقتصادات الوطن العربي رغم توفر الموارد الكفيلة بانه تضعه بين اقتصادات الدول المتقدمة مع إقرارنا بحالة التباطؤ في تحسن اوضاع الأقتصاد العالمي خاصة بعد الأزمة المالية والأقتصادية العالمية وتداعياتها منذ العام 2008 ,اضف لذالك التداعيات السياسية في بعض الأقطار العربية والتي اثرت مباشرة على الأداء الأقتصادي لهذة الأقطار مما تسبب في تراجع الناتج المحلي الأجمالي لمجملها , فعلا سبيل المثال لا الحصر تراجع الناتج المحلي الأجمالي بالأسعار الجارية من 2437 مليلر دولار في العام 2015 الي 2347 في العام 2016 ورافق ذالك تراجع متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي من 6832 دولار الي 6420 , مع هذا التراجع الواضح في الناتج المحلي الأجمالي كان هناك تراجع في معدل نمو هذا الناتج من 3.2% في العام 2015 الى 1.4% من العام 2016 , مع العلم ان معدل التضخم وهوالآفة التي تلتهم دخول الأفراد وتأثر على معدل الأدخار لديهم , ثم مستويات الأستثمار حتى وصل في العام 2016 الي حوالي 5%
هذة الصورة الواقعية لمجمل الأقطار العربية رافقها زياده في مستويات الفقر عما كانت علية قبل العام 2015 خاصة مع الظروف السياسية التي تعيشها بعض الأقطار العربية مثل سوريا وليبيا والعراق واليمن كما اسلفنا ونزوح اعداد كبيرة من مواطني هذه الأقطار الي اقطار مجاورة والي دول عدة مثل اوروبا وكندا وامريكا ,لاشك ان هذا الواقع المؤلم وحالة الفقر انعكست على الوضع الصحي والتعليمي لهذة الأقطار , فتدنت مساهمة هاؤلاء الأفراد في الأنتاج القومي لأوطانهم في وقت يتسابق فيه العالم للتحول الي اقتصاد المعرفة اللذي اصبح العماد الرئيسي والمحرك الأول للأقتصاد في العديد من بلدان العالم وليس هنالك مايدل على ان البلدان العربية مستعدة لهذة المرحلة حيث تصنف الأقطار العربية وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2016 دون المتوسط وكأننا لازلنا ندور في الحلقة المفرغة اذ لابد من تواصل الجهد للأهتمام بالعنصر البشري من تعليم وتدريب لكسر هذة الحلقة والتركيز على تحسين جودته من المرحلة الأبتدائية حتى المرحلة الجامعية في مراحلها الثلاث الرئيسية .
ولو القينا نظره سريعه على متوسط نسبة الأنفاق على التعليم الي الدخل القومي الأجمالي في الأقطار العربية مجتمعه فقد يبلغ في العام 2015 حوالي 4.5% وليس بالبعيد عن تلك النسبة في الدول النامية والتي تقدر بنسبة 4.4% رغم فارق الأمكانات الأقتصادية المتوفرة في الأقطار العربية , حتى معدل الأنفاق نفسة على التعليم مقارنة مع الأنفاق العام هوا ادني من معدل الأ نفاق في الدول النامية والبالغ 15.7% مقابل 16.2% من الدول النامية , وهنا لانتحدث عن نسبة الامية بين الاشخاص فوق ال 15 عام والتي يبلغ حوالي 20% حيث تعتبر من النسب المرتفعة في العالم
وكما هو التعليم ومؤشرات تدنيه في بلدانا العربية فان الرعاية الصحيحة كذالك تعتبر واحدة من التحديات الأجتماعية والأقتصادية التي تتوجب التوقف عندها حيث تتفاوت هنا نسب الرعاية الصحية من قطر عربي لأخر , وافتقارها للعديد من الخدمات والجودة والشمولية ويعتبر الانفاق على هذا القطاع من اجمالي الناتج المحلي الأجمالي في الدول العربية بحدود 5.3% في العام 2015 وهي اقل بكثيرمن المتوسط العالمي البالغ حوالي 10% .
خلاصة القول ان بلداننا العربية تمتلك من الموارد والقوى البشرية والعقول العلمية تكفي بان تضع امتنا في مصاف الامم المتقدمة الا ان المشكلة الاساسية التي تواجهها هي عملية الشرذمة وغياب الإرادة السياسية لانجاح اي جهد يرمي لتوافق عربي هدفه تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي بين بلداننا ولو بقدر للتخلص من كابوس التبعية الاقتصادية التي تعاني منها كل بلد منفردة , ثم هناك عوامل اخرى لا تقل اهمية عن غياب الإرادة السياسية لا بل ترتبط بها ارتباطا عضويا مثل سوء الإدارة وتفشي الفساد , وهذا ما يفسر لنا ان 24% من المواطنين العرب يسعون للهجرة لاعتبارات جمة منها البحث عن تحسين اوضاعهم الاقتصادية وايجاد سبل للعيش بآمان .
_________________
مصدر الارقام والاحصائيات من التقرير العربي الموحد