ما بين أمريكا وإيران..إلتقاء مصالح وتبادل أدوار
ما بين أمريكا وإيران..إلتقاء مصالح وتبادل أدوار
أ.عبدالحميد الهمشري
الولايات المتحدة الأمريكية وإيران الشريكان في إقتسام مناطق النفوذ مع الكيان الصهيوني في منطقة الفراغ العربية التي تتآكلها الخلافات والخصومات مع شعوبها وبين دولها، فهما من يمكنان الكيان العبري من إمتهان الكرامة العربية وفرض إرادته عليها لينهب ثرواتها سواءً كرهاً أو عن طيب خاطر، وليفتح له المجال على مصراعيه لتتقاسم طهران معه الإرث العربي، وفي ظل هكذا أوضاع لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية معنية بالحرب على إيران ولا طهران معنية بالتنمر الصهيوني على العرب، لأن الحرب الأمريكية على طهران تعني زوال البعبع الإيراني للعرب الأثرياء، مما يؤدي لوقف تدفق الأموال العربية على شركات السلاح الأمريكية، فيما لو تكفلت أمريكا بإنهاء خطر هذا البعبع الإيراني، وحتى لا تكون هناك مطالب عربية بعلاقات أكثر توازناً مع واشنطن التي تضع كل بيضها في السلال الصهيونية عن سبق إصرار وترصد، ليس حباً في اليهود بقدر ما هو حبً في نهب الثروات العربية ومدخرات العرب الأثرياء التي وفق ترامب ما كان لها أن تكون لولا حماية واشنطن ودول أوروبا الغربية لها.
إذن واشنطن ترغب بنهب ثروات العرب وتسويق الدولة العبرية لدى الدول العربية الثرية لتقطع حبل ودها مع الفلسطينيين ليصبحوا بلا بواكي لهم، بعد أن يتولى العرب التكفل برفاهية الدولة الصهيونية التي كان دافع الضرائب الأمريكي هو من يتحمل عبئها. فالدولة العبرية باتت تسرح وتمرح في المراح والبراح العربي حيث ستبقيه بتحالفهم معها على ما هم عليه لفترة طويلة قادمة، في ظل إدارات سياسية لا يعنيها سوى الخلاص من منافسيها المحليين والإقليميين، ليبقى العرب وفق ما يصرح به ترامب دوماً البقرة الحلوب، ذريعة الحماية من إيران التي وفق قادة البيت الأبيض لوإتفلتت من الرقابة الأمريكية، فإنها ستنقض على الخليج العربي في ليلة وضحاها، في وقت تواصل فيه إيران ببناء إمبراطوريتها في حديقتها الخلفية العربية بذريعة المقاومة، وما يمكنها من ذلك، إدعاءاتها تغاضي العرب عن ممارسات الدولة العبرية ضد الفلسطينيين ومقدسات المسلمين فيها، لتظهر إيران نفسها على أنها المنقذ والحامي والمدافع عن مقدسات العرب وحقوقهم، وهذا يؤكد إستحالة شن أمريكا حرباً على إيران طالما تعيشان عصر النهب من منجم المنافع العربي المفتوح دون رقابة أو حراسة، وطالما هناك إنقسام عربي وكل محور يؤيد طرفا من طرفي اللعبة.
فالتقارب بين إيران وأمريكا قائم على حساب تطلعات العالم العربي نحو التحرر من السطوة الأجنبية، بدليل أن العلاقات الفارسية الغربية وخاصة الأمريكية لم تنقطع على مدار الأحداث في المنطقة وهناك تنسيق بينهما جار على قدم ساق من خلف الستار وفي الكواليس، حيث إستمرت العلاقات السرية مع أمريكا وفق اعترافات رفسنجاني الذي قال أنه كان بين إيران وأمريكا تنسيق خلال حرب أفغانستان وحرب الخليج الثانية، حيث مكنت إيران أمريكا من احتلال أفغانستان ومن ثم العراق وكرر ذات الكلام خاتمي الذي قال: إن أم قصر صمدت لأكثر من أسبوعين ما دعا أمريكا للطلب من إيران إفساح مجالها الجوي لشن الهجمات على العراق، و عبور قوات بريطانية للإلتفاف على القوات العراقية هناك، مقابل السماح لإيران بالتقدم في الأراضي العراقية وتحويلها لمحمية، ما يؤكد معه أن طبيعة الصراع بينهما يتمثل في إقتسام مناطق النفوذ في ظل توافق في الأهداف والطموحات والتوسع، كما أن هناك اتصالات وحوارات قائمة بين الطرفين الأمريكي والإيراني لتجسير الهوة بينهما بشأن القضايا الخلافية التي قد تسهم في توتير العلاقات بينهما بدليل ما حصل من مستجدات مؤخراً تؤكد ذلك، حيث حصلت صفقة تبادل بين طهران وواشنطن لسجينين، حيث أفرجت الأولى بموجب هذه الصفقة عن عالم أمريكي من أصل صيني يدعى شيوي وانغ مدان بالتجسس في عام 2016، فيما أفرجت الثانية عن عالم إيراني، ووجه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، الشكر لإيران بعد إتمام الصفقة التي وصفها بأنها “منصفة للغاية” معقباً بالقول إلى أنها تشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران.
كاتب عربي