إيران…المخاطر والتهديدات
إيران…المخاطر والتهديدات
أ.محمد السعدي
وفقاً لما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية يوم 11 يونيو 2021، فإن روسيا تستعد لتزويد إيران بنظام أقمار اصطناعية متقدم سيمنحها قدرة غير مسبوقة على تعقب أهداف عسكرية محتملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما ورائه.
ومن باب الوقوف على خلفية هذا الخبر وتحليله ضمن سياسة التسلح التي بدأت تأخذ طوراً متقدماً بين موسكو وطهران، فإن المتتبع لكل ما يجري يمكن أن يستنتج وبكل سهولة إن ذلك يدخل في باب المناكفات السياسية الجارية حالياً بين موسكو وواشنطن في إطار توتر العلاقات الخلافية المتصاعد بين الدولتين العُظمتين والتي أدت الى فرض الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الى حصار خانق على روسيا التي بدأت هي الأخرى تبحث لها عن حلفاء موثوقين يخففون عنها وطأة ذلك الحصار.
الى هنا قد يبدو الأمر طبيعياً في ظل سياسة التنافس السياسي القائمة بين الطرفين، إلا إننا ننظر للموضوع من زاوية الإضرار بالمصالح العربية المترتبة على مثل ذلك التعاون الذي سينعكس بشكل أو بآخر على تطوير القدرات التسليحية لطهران كقوة توسعية ذات طموحات واسعة لبسط النفوذ في محيطها الإقليمي في المنطقة العربية، بعدما تمكنت الى الآن من التغلغل بشكل واضح في العراق وسوريا ولبنان واليمن لإقامة الهلال الصفوي الذي يسير ضمن مخطط واضح لبسط النفوذ والسيطرة على تلك البلدان، ناهيك عن أطماعها المعروفة بعدد من دول الخليج العربي كما في البحرين والإمارات العربية المتحدة التي لا زالت لم تسترد جزرها الثلاث المقتطعة من جسد الدولة في أكبر عملية تزوير إيرانية تاريخية كبيرة لمصادرة تلك الجُزر.
وبما إن إيران ووفقاً للإتفاق مع الجانب الروسي ستكون قادرة على “تكليف” القمر الصناعي الجديد للتجسس على المواقع التي تختارها، فأن ذلك يعني تمكنها من مشاركة الصور مع الميليشيات الموالية لها في جميع أنحاء المنطقة سواء مع المتمردين الحوثيين في اليمن أو مع مقاتلي حزب الله في لبنان أو مع الميليشيات الموالية لها فوق الأراضي السورية والعراقية على حد سواء، مما سيزيد من قدرات وسائل التجسس الإيرانية التي تتزامن مع قدراتها المعلنة في عمليات تطوير أنظمة التوجيه الصاروخي لما تنتجه من صواريخ بالستية وطائرات دون طيار على إصابة أهدافها المنتخبة بكل إِتْقَان ودقة إذا ما تم توحيدها مع صور الأقمار الصناعية المُحسَّنة الجديدة.
وبما أن الهجمات الصاروخية المتكررة التي نفذتها الميليشيات الموالية لطهران على قواعد عسكرية عراقية تضم قوات أمريكية وقوات متحالفة معها في العراق وبنجاح أربك الجانب الأمريكي، فمن المُرجح أن تكون الهجمات القادمة بعد تفعيل برنامج العمل بالقمر الإصطناعي الجديد أكثر دِقة في إصابة الأهداف القادمة، مما يعني تمكين إيران من بسط نفوذها وتحقيق مآربها العدوانية على دول المنطقة التي ستُجبر على إعطاء تنازلات سياسية وإقتصادية على حساب إستقلاليتها وسيادتها، ما لم تُبادر على تطوير إمكانياتها التسليحية والعلمية لمواجهة ذلك الخطر، وهذا يعني المزيد من النزيف المادي لدول المنطقة على حساب تطوير إمكانياتها الاقتصادية، كما أن ذلك يعني توجيه إهانة مُتعمدة لإضعاف نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة على حساب التمدد الاقتصادي الروسي الصيني الذي سيغزو منطقة الشرق الأوسط للحد من قدرة واشنطن التحرك في هذا الإتجاه.