“مجزرة مزاد العملة”
بين البنك المركزي وسطوة الفصائل المسلحة لتهريب العملة الصعبة خارج البلاد
“مجزرة مزاد العملة”
بين البنك المركزي وسطوة الفصائل المسلحة لتهريب العملة الصعبة خارج البلاد
أ.سعيد الدليمي
عاد ملف “مزاد العملة الصعبة” في العراق إلى الواجهة بعد تصريحات نواب في البرلمان، طالبوا فيها رئيس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والادعاء العام في البلاد، بوضع حد لعمليات فساد ضخمة تجري من خلال مزاد العملة الصعبة الذي ينظمه البنك المركزي العراقي يومياً وباشراف مباشر من قادة الميليشيات العراقية للسيطرة على ما تبقى من رؤوس اموال في بحر الفساد الحكومي على مدار 18 عاماً.
ويقدر مراقبون ومسؤولون عراقيون قيمة ما تم بيعه من دولار في هذا المزاد خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية بأكثر من 360 مليار دولار، خرجت أغلبها من العراق إلى دول أخرى دون أن تحقق منفعة للدينار العراقي وقيمته التي ما زالت تحت الحد المنطقي لخامس أكبر منتج نفطي في العالم (1750 دينار مقابل الدولار الواحد)
جُل هذه الاموال الضخمة المهربة خارج العراق وداخله هي لتنفيذ مشاريع توسعية في المنطقة وتجارة دائمة المنفعة لمسؤولين في الحكومة الحالية وقادة الفصائل الموالية لإيران لديمومة الثراء الفاحش.
إيران هي المستفيد الأول من مزاد الدولار تليها تركيا ولبنان وسوريا والأردن، إذ إن عملية تحويل الدولار تتم تحت غطاء استيراد مواد وبضائع وشراء أسهم واستثمارات في تلك الدول وبعضها ينقل متفرقاً عبر مكاتب أهلية والمواطن العراقي لا يستفيد من هذه المجزرة.
تحول العراق إلى معبر لعمليات تهريب كبيرة للعملة الصعبة إلى إيران عن طريق مزاد العملة وتوصيلها لحسابات بنكية إيرانية في خطوة منظمة تهدف إلى كسر الحصار الاقتصادي والعقوبات الأمريكية على إيران، وهذه العمليات تهدف الى تحطيم الاقتصاد العراقي المنهك مُنذ سنوات والذي ما زال يعاني حتى الان بسبب تهريب العملة الصعبة خارج البلاد.
النشاط الإيراني غير الشرعي قابله فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 20 كياناً عراقياً إيرانياً تقدم الدعم لقوات فيلق القدس الإيراني إلى جانب نقل المساعدات إلى المليشيات العراقية الموالية لطهران مثل كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق وغيرها من الجماعات المسلحة التي تسيطر على بنوك عراقية وتهرب الدولار عبر المنافذ الحدودية المعروفة.
هناك عدة شركات متورطة بعمليات غسل الأموال بهدف الحصول على العملة الصعبة ومن بين أبرز أصحاب هذه الشركات يظهر اسم ضباط في الحرس الثوري الايراني وأهمهم (حسن بُلارك) الذي يتعاون مع شخصيات عراقية سياسية مثل نوري المالكي وهادي العامري وفالح الفياض واكرم الكعبي وقيس الخزعلي، وبالتنسيق مع مسؤولي الحرس الثوري الإيراني بنقل الصواريخ والمتفجرات والأسلحة الصغيرة إلى العراق.
أن بُلارك تمكن من تحويل ملايين الدولارات إلى شركة أخرى تدعى (بهجت الكوثر للبناء والتجارة المحدودة) ومقرها العراق المعروفة أيضاً باسم شركة “كوسر” وبهذه الأموال تُشحن الأسلحة والذخيرة إلى المليشيات العراقية الموالية لإيران التي تمتلك مقرات في بغداد إلى أن كشفت الخزانة الأمريكية الأمر ووضعت شركة الكوثر على اللائحة السوداء بالولايات المتحدة.
وهناك اسم ثانٍ وهو (علي رضا فاداكار) قائد الحرس الثوري الإيراني في النجف بالعراق ومن ملاك شركة الكوثر وهو متورط مع مسؤولين آخرين بإيداع مالي عملاق في فرع بنك ملى الإيراني في العاصمة العراقية بغداد حيث نقل الأموال إلى بنوك إيرانية في طهران وهذا مرصود من قبل الموظفين المسؤولين في قسم البيانات في البنك المركزي العراقي.
عملية سحب العملة الصعبة من العراق إلى إيران تتم عبر فواتير وهمية بمساعدة أحزاب وفصائل مسلحة من الداخل العراقي حيث تشير التسريبات إلى وجود مؤسسات رسمية عراقية متورطة بعملية التهريب وتُدار تلك المؤسسات من قبل شخصيات تُعينها الأحزاب والمليشيات الموالية لطهران وليس هذا فحسب، بل تقوم تلك الأطراف بتأسيس مصارف أهلية تقوم بعمليات التحويل عن طريق البنك المركزي العراقي.
وحول هذا الأمر كشف ضابط برتبة عميد في جهاز الاستخبارات العراقية المكلف بمراقبة عمليات بيع العملة الصعبة يقول
إن حزب الله العراقي يتصدر قائمة أكبر الجماعات المسلحة والمنظمة في العراق ويجني أموالاً طائلة من مصادر مشبوهة وتجارة غير مشروعة على رأسها تجارة المخدرات وعمليات التهريب وتبييض الأموال وخاصة التهريب للعملات الصعبة من العراق عبر عدد من البنوك التي يديرها ويشرف على توجيهها رجال أعمال عراقيون ولبنانيون.
ويتابع العميد: يقوم حزب الله العراقي بممارسة النشاطات التجارية عن طريق شركات يملكها الحزب كواجهة تجارية لأعماله وتشمل اللحوم المثلجة والمواد الأولية والسيارات المستعملة والتبغ والمنتجات الإلكترونية.
ويضيف ضابط الاستخبارات: يعتبر العراق الممر الرئيسي لتحويل الدولار إلى إيران عن طريق تجارة وتبييض الأموال عبر مطار بغداد ومطار النجف الدولي وبقية المطارات العراقية فالعمليات التجارية المشبوهة وصفقات الفساد لحساب إيران تمثل نسبة 90٪
لكون إيران مسيطرة سياسياً وعسكرياً على الحكومة العراقية.
صحفي من العراق