الربيع يصحح مساره من جديد
الربيع يصحح مساره من جديد
أ.محمد السعدي
ما حصل في تونس قد قلب حسابات البيدر تماماً، ولم تعد حسابات الحقل تتناسب معها، فقد قالتها هذه المرة، ولكن ليس كما كانت قبل سنوات، منها أنطلق الربيع يمشي على عكاز إخوة لا أخوةٌ لنا معهم، وعاد يصحح مساره من جديد، قالتها تونس وقالها قيس سعيد، لم ينقلب على شرعيةٍ، بل صحح الشرعية يُعيدها فوق مسار خرجت منه في غفلة من زمن عاشته سنوات عُجاف، يتحكم فيها حزب أطلق على نفسه “النهضة” دون أن ينهض بها، يحكم بعقلية تعيد عقارب الساعة الى الوراء، تدخل شعب تلك المرابع الخضراء في عصر ظلام لا يختلف عن عصور الإنحطاط والتخلف التي قرأنا أحوالها وسئمنا أهوالها، عندما ضحى “بو عزيزي” بنفسه لم يكن يعلم إن نيرون جديد سيتربع على عرش بلاده، يحرقها من جديد، ولكن ليس بالنار، بل يسحق عظام أهلها في مطحنة حقد من يسمون أنفسهم “إخوان مسلمين”، تبرئ منهم الإسلام بما جاء به من قيم عظيمة غيرت وجه الصحراء تُحيلها ألقاً برسالة سمحاء تعبر الحدود دون قيود، تُخاطب العقل قبل الفؤاد، تدغدغ المشاعر بنور الله، لا بظلام جماعة تقبض الثمن من خلف الحدود من بلد الضباب،
نعم قالتها تونس مرة أخرى تعتذر لأخواتها في مشرق الوطن ومغربه، تقول لهم جاء ربيع جديد ليس كربيع بوجه خريف هائج مخيف، فعلها شعب مصر قبلنا، وها نحن اليوم نفعلها، فلا همَّ لنا غير وطن يعيش فيه الجياع بكرامة رغيف خبز و”قطعة سُكّر”، تقول لنا حذارِ من دلس الشياطين من مكر الثعالب، نعم إنها الخضراء أم الربيعين، هي “قرطاج” هيَّ “العبادلة” هيَّ ” القيروان” مدينة عقبة بن نافع، وحسان بن النعمان، هي “الأغالبة”، هي ” الموحدية”، هي ليست إخوة الشر يحكمون بغير شرع الخالق جلت قدرته، بل هي النور بما عرف عنه التوانسة بما سمت العقول وأزدانت البصيرة.
باحث عراقي متخصص بالشؤون السياسية والإستراتيجية