ذكرى ثورة العشرين الخالدة
د. علي القحيص
تمر علينا ذكرى( 103 )، قرن وثلاثة أعوام، على ذكرى إنطلاق ثورة العشرين المجيدة الخالدة في العراق ، حين ثار الشعب العراقي العربي البطل الأصيل، ضد قوات الإحتلال البريطاني ، الذي أحتل العراق عام 1920 .
تمهيدا لتهنيد العراق وضمه، وجعله تابعا لبريطانيا.
وقد توحدت صفوف الشعب العراقي كله أما هذا الكيان الغاصب والطغيان والجبروت ، وثار الشعب العراقي باطيافة وقومياتة ومذاهبة ضد الغزاة الطامعين في بلدهم ، وكانت إنتفاضة عارمة وثورة شعبية عفويةضد المحتل الغازي ، وكان الحدث الأهم بالمنطقة وكانت ملحمة كبرى ،ورغم الأمكانات البسيطة ،والاسلحة الخفيفة المتواضعة جدا والشحيحة للغاية، لدى الشعب العراقي الأعزل، إلا إن ارادته وعزيمه وأيمانه كانت أقوى سلاح فتاك لايقهر أمام العدو الغاصب ، في أسباب طرد الغزاة من ديارهم وملاحقة رموزهم ، وتطهير أرض العراق من دنس العدو الأجنبي الغاصب المحتل، مما جعل بريطانيا تمنح العراق حق إستقلاله عام 1929.
وقد انبرى الشيخ ضار بن محمود الزوبعي ، شيخ زوبع من الزميل من قبيلة شمر ، وقام بقتل المندوب السامي البريطاني ضابط المخابرات البريطانية (الكونيل ليجمان)بتاريخ 12 /8 /1920.
وكان أقدام شجاع لشخصية معتبرة فاقت الوصف والتوصيف ، خلدها التاريخ في صفحاته البيضاء،وكتبت قصتها باحرف من نور على جباه الأجيال بعدالأجيال، فكيف يقوم بدوي شيخ عشيرة بندقية بسيطة متواضعة ، وهو على صهوة جواده العربي، ليقتل الجنرال البريطاني المتنفذ في المنطقة وهو محاط بحراسة الإنجليز في منطقة خان ضاري ، شرق بغداد مابين العاصمة العراقية بغداد ومدينة الفلوجة .
وحينها ، بزقت شمسا مشرقا تلوح ببارقة أمل وولادة تاريخ ينهض من جديد ، ليثور الشعب العراقي كله ، متضامنا ومؤازرا ، العمل البطولي الفذ المتفرد الذي عطل عجلة الغزاة ولغة الكلام ، للشيخ المرحوم الشهيد البطل ضاري المحمود ، ( ت 1928)،الذي توج نفسه بتلك العمل البطولي المشرف، وثار من أجل الوطن والأرض والعرض والكرامة والناموس، لينال وسام الشرف لاحقا ، ويحاكم ويقتل من قبل الغزاة بغدر وحيله ، والذي لازال العراقيون والعرب والشرفاء الوطنيين ، يستذكرون استبسالة وإستشهاده أزاء هكذا عملا بطوليا مشرفا خالدا، ليضحى بالغالي والنفيس من أجل حرية وأستقلال وطنه ، بعد أن توج بثوب الشرف والمرجلة والكرامة ، بعد مقتل القائد البريطاني المحتل والمغتصب لبلاده، مما جعل القوات البريطانية الغازية تولى مدبرة وتهرب وتتفكك وتنسحب من العراق كله بتاريخ 1929.
و ينال الغرلق إستقلاله وليبقى بلاد الرافدين صامدا موحدا ، متوجها ومرصعا بتلك الأعمال البطولية المجيدة الخالدة ، التي لاتشوبها شائبة ، مهما حاول الجبناء والخونة والعملاء طمسها ونسيانها ، أونكرانها ، فهي لايمحوها الزمن ولاينساها التاريخ ولاتتجاوزها الجغرافيا مهما طال الزمن ولوثوا الارض الغرباء ، ولا تستطيع الغربان مسح تلك الذكرى الخالدة ، من الوجدان العربي والعراقي ،الذي يحتفل بها في كل عام بهذة الذكرى العظيمة ، ليستذكرون هذا المجد الخالد العظيم ،المرصع بوجدان المخلصين ومحفور بذاكرة النبلاء ، هذا الفعل المبجل الذي تعتليه همم الرجال الوطنيين الشرفاء، الذين لازالوا يدفعون الدماء ، ثمن فاتورة تاريخهم المشرف الطويل الذين تتوارثه الاجيال الأبطال الغيارى الميامين، الذي ورثوا هذا المجد العظيم ولازالوا يحافظون عليه بكل ما أوتوا به من قوة وجهد وتضحية واستطاعة ، لأن التاريخ لايكتب إلا بالدم ولايضاء إلا بأفعال الرجال،الرجال !
المجد والخلود للشهداء الأبرار الأبطال ،والخزى والعار للخونة العملاء .
* كاتب سعودي
