نعم. ستنتهي الحرب السودانية و لكن!!؟
نعم. ستنتهي الحرب السودانية ولكن!!؟
د. علي عبدالقادر
بمرور يوم أمس تكون قد انقضت 500 يوم على بدء الحرب الروسية الاوكرانية اي ما يزيد على العام ونصف. فهي قد بدات في تاريخ 24 فبراير 2022م. وبحسب الامم المتحدة فقد قتل بسببها حوالي (9.000) مواطن اوكراني و جرح مئات الالاف ونزح عدد 6 مليون مواطن. ويقول مسؤول بالامم المتحدة ان الاعداد الحقيقية قد تكون أكثر بذلك من ذلك بكثير!!!
“و قال نويل كالهون ، نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا: ” نحتفل اليوم بمرحلة مروعة أخرى في الحرب التي تستمر في إلحاق خسائر مروعة بالمدنيين الأوكرانية “.
ما يهمني هنا ليس مقارنة الحرب الروسية الاوكرانية بما يدور في السودان ولكن لفت النظر فقط الى ان الحرب هي شر كامل ولا تجني الشعوب منها سوى القتل والضحايا وتحول السكان الى نازحين ولاجئين، وان الحرب لا تنتهي بالحل العسكري مهما كانت القوة العسكرية للاطراف المتحاربة ولكنها تنتهي عبر التفاوض. وأن هذه الحرب الروسية اجتمعت لها اقوى ترسانات العالم العسكرية ولربما وفرت لها أكبر ميزانية للحرب ورغم ذلك لم تحسم عسكريا ولن تحسم عسكريا بل ستنتهي بتفاوض طال الزمن أم قصر!!!
اذن اصطفاف الكثيرون من السودانيين وغير السودانيين الذين هم بعيدين عن ميدان المعركة مع “التحميس” لاستمرار الحرب او حتى المشاركة في الحرب النفسية الدعائية لانتصار طرف على أخر هو موقف لا أخلاقي وغير وطني وفوق ذلك غير شرعي!!!
لانهم يدركون ان الحرب لن تنتهي بإنتصار أحد الطرفين عسكريا بل ستنتهي بالتفاوض بعد موت الكثيرين وسقوط ضحايا وحدوث خراب وتدمير لبنية البلد الأساسية!!! وحتى لو افترضنا انها ستنتهي بإستسلام احد الطرفين فسيتم ذلك بعد سقوط مزيد من ألالاف الضحايا!!!
اذن الموقف الشرعي والوطني والاخلاقي هو تقليل الخسائر و الحفاظ على الارواح قدر الامكان وخاصة ان جميع المتقاتلين مسلمين وبعضهم مكره على خوض القتال!!!
يظل هؤلاء “المشعللين” للحرب والذين يصبون الزيت على النار هم الذين وصفهم الصحفي البريطاني ايريك ارثر بلير المشهور باسم جورج اورويل وصاحب كتاب “مزرعة الحيوان” والذي صنف ضمن اعظم 50 كاتب بريطاني منذ 1945م، (The 50 greatest British writers since 1945)
بقوله “كل التطبيل والدعايات للحرب، كل الصراخ والكذب والكراهية ، تأتي دأئما من الناس الذين لن يذهبوا إلى الحرب”!!!
اذن ستنتهي الحرب السودانية يوما ما، ولكن انهائها اليوم افضل من إنهائها غداً، إن الوصول لهذه القناعة سيقود الى الوصول الى اتفاقية سلام، يكون أهم بنودها إسكات صوت السلاح ورجوع العسكر للثكنات ودمج من تنطبق عليه الشروط الوطنية والصلاحية من الحركات المسلحة والدعم السريع في القوات المسلحة السودانية. وهو ما يعني بداهة استبعاد اي جندي غير سوداني!
اتفاقية السلام هذه يمكن أن تكون خلاصة لكل المبادرات المبذولة الان من اتفاقية جدة ومبادرة الايقاد وتقريبهم من الاتفاق الاطاريء ، وتجدني كل أمل و ثقة في وصول السودانيين المدنيين لاتفاق معقول و مرضي للجميع، وحتى في وجود عدم رضا تام عن الاتفاق من أحد الاطراف السودانية يظل التوافق هو خيار أفضل من إستمرار الحرب لأنه في الحد الادنى يوقف فقد مزيد من الارواح وسقوط الضحايا وحدوث مزيد من الدمار.
يبقى أن إسكات صوت الرصاص الان هو الهدف الاسمى ورجوع النازحين واللاجئين الى دورهم، وعودة الحياة لصورة أقرب لما قبل 15 ابريل 2023م هو الأهم وهو بداية الحل. وما يتبقى من الامور العالقة تظل قابلة للنقاش السلمي والحوار والاقناع .
اذن بعد ان تمّ رفض الحكم المدني ورميه بكل التهم الباطلة والضعف والتآمر عليه دوليا وإقليميا وداخليا من بعض الفئات غير الوطنية لدرجة إدخال او “توريط” السودان في تجربة حرب مريرة لم يكن بحاجة اليها . يجد الشعب اليوم أنه قد تعلم درساً قاسيا الا وهو أنه لا يوجد أسواء من الحرب وخاصة بين ابناء الوطن الواحد.
كاتب و أديب من السودان