زمن مختلف
زمن مختلف
أ. نسيم قبها
عالمنا الفلسطيني ليس كالعوالم الأخرى ، هو أبدا ليس عالمكم الفعلي الذي تزقزق فيه العصافير وبطونكم صباحا ، ولا يمكن أن يكون في تصوركم له مسورة في زمان اعتيادي ، فزماننا يختلف عن أزمنة موت الفجأة ، موت المراسيم والنعي الإفتراضي في واقع فوقي ، و بأقنعة العالم المغيب عن فطرته .
إن الإشكال السيكولوجي البسيط يكمن في كيفية إدراكنا لمعنى الفقد في مطابخ أسلحة الشمال ، و في اللغة التي بها نصف حجم القهر دون جدوى ، لذلك غالبا ما يميل الناس إلى اللبادة في القياس المستمر بين اليوم والغد ، وإلى المفارقة بين أنين تحت الركام ونجاة بأطراف مفقودة ، حتى فشلت اللغة من وصف عناصرها الموقدة لحجم الموت والجوع والتشريد والبطش والنزوح والمرض والخيبة والقهر والعلل والشتم والتشتيت والبكاء والصمت والصدمة في هذه العوالم اللاممكنة في واقع أمكن.
إننا نصف حال العَوالم الممكنة هنا ، بواسطة ما تتيحه لغة العالم الذي باعنا ، ونستعمل في ذلك المشابهة والمقارنة السياسية والإجتماعية والثقافية والإنسانية دون جدوى. فعليا ، حتى لم نتمكن من فهم واستيعاب عناصر الوصف او الإستجابة لخلل آدمي يلبس ربطة بلون الدم المسال في ساحة مشفى ، أو الملتصق على جدار ، أو المجبول برمل الطرقات .
إن بغي كل العوالم الممكنة الأخرى غير عالمنا المتنفس ، هو ضرب من القصور والعجز في استعمال البشر لإنسانيتهم التي ودعوها بلا عناق .